حمّام الشط

المجرزة كانت تستهدف قيادات الصف الأول في منظمة التحرير الفلسطينية على رأسهم الرئيس الراحل ياسر عرفات

 

مجزرة ارتكبها طيران الاحتلال الإسرائيلي عام 1985 وأسفرت عن استشهاد وإصابة العشرات من الفلسطينيين والتونسيين جنوبي العاصمة تونس، وصنفت كإحدى أخطر وأكبر العمليات بحق الفلسطينيين، بعد نزوح منظمة التحرير من لبنان.


وأطلقت قوات الاحتلال على العملية، الساق الخشبية، والتي استهدفت بموجبها العديد من المقار التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية في منطقة حمام الشط، جنوبي العاصمة التونسية.


ومنطقة حمام الشط، كان يقطنها قادة من منظمة التحرير مع عائلاتهم بعد أن غادروا لبنان عقب الاجتياح الإسرائيلي عام 1982.


وتمت الجريمة الإسرائيلية بناء على معلومات سرية للجاسوس الإسرائيلي الأمريكي المعروف جوناثان بولارد، بحسب وثائق لوكالة الاستخبارات الأمريكية رفعت عنها السرية عام 2013، وتضمنت معلومات تفيد بأن منظمة التحرير الفلسطينية تعتزم عقد اجتماع مهم لقياداتها صبيحة ذلك اليوم، وقامت المنظمة بدعوة ضباطها وقادتها في الجزائر وتونس واليمن للالتحاق بالاجتماع.


وعلى إثر هذه المعلومات، بدأت قيادة سلاح الجو التابع للاحتلال الإعداد لتنفيذ العملية، وتمكنت من الحصول على صور أقمار صناعية دقيقة عبر محلل في المخابرات العسكرية الأمريكية.


إلا أن الاجتماع لم يعقد بسبب تعذر وصول عدد من القادة إلى تونس، حيث غادر عرفات المنطقة، لكن طائرات الاحتلال كانت قد اقتربت من الشواطئ التونسية وبات من غير الممكن إلغاء العملية.


وأدت الغارة إلى تدمير مقر منظمة التحرير، ومكتب الرئيس الراحل ياسر عرفات، وبعض منازل المدنيين المجاورة، كما أسفرت عن استشهاد 50 فلسطينيا و18 تونسيا.


وخرج الرئيس الراحل، ياسر عرفات بعد الغارة مباشرة من فوق الدمار، وأعلن عبر وكالات الأنباء والإذاعات والتلفزة أنه حي يرزق. وذلك في الوقت الذي كان فيه ضباط مخابرات الاحتلال وقادة أجهزته الأمنية فرحين بمقتله ومقتل عدد كبير من قادة منظمة التحرير الفلسطينية.


وفي تبريره للعدوان، قال الاحتلال إن تونس أخلت بتعهداتها بعدم السماح للفلسطينيين باستخدام أرضها لعمليات ضد مصالحها، فيما حال الفيتو الأمريكي دون صدور قرار يلزم الاحتلال بالاعتذار والتعويض لتونس، الأمر الذي دفع الحكومة التونسية آنذاك للتلويح بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، لتنتزع بذلك قرارا من مجلس الأمن تحت رقم 573، ليمثل أول إدانة دولية للمجزرة.