كتاب عربي 21

هل نجح الحوثيون في تعطيل القطاع النفطي؟

1300x600
يوم الأربعاء الماضي استهدفت جماعة الحوثي المدعومة من إيران وبطائرات مسيرة انتحارية إيرانية ميناء قنا النفطي، الذي لا يظهر في الغالب على خارطة جوجل، في ثالث هجوم من نوعه خلال شهر ضمن مخطط عدواني يهدف إلى تعطيل عمليات إنتاج وتصدير النفط الذي تتحكم به السلطة الشرعية المسنودة من تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية وبمشاركة مؤثرة من الإمارات.

يدرك الحوثيون مدى حساسية القطاع النفطي الذي تشتغل به كما هو معروف شركات عالمية عابرة للحدود، ويُعتَمدُ في نقله على ناقلات دولية أيضاً مما يجعله عرضة للتوقف، في ظل التهديدات والهجمات المسلحة التي ينفذها الحوثيون وسط إصرار على فرض مطالبهم القاضية بضرورة ان تخصص عائدات النفط أو جزء مهم منها لصرف مرتبات الأجهزة المدنية والعسكرية والأمنية الكبيرة التي يسيطر عليها المتمردون المدعومون من إيران، ويعتمدون عليها في تثبيت سلطتهم ومحاربة خصومهم.

ولعل أكثر ما يحرص عليه هؤلاء المتمردون الطائفيون وداعميهم هو تحويل العائدات النفطية، إلى استحقاق عسكري يتحكمون به بمفردهم، بعد أن تعذر فرضها كنقطة تفاوضية قابلة للتنفيذ ضمن المفاوضات المتعثرة لتجديد الهدنة، بل أنهم يريدون تحريرها من التزامات سابقة لهم بهذا الخصوص قدموها ضمن تفاهمات استوكهولم الموقعة في كانون الأول/ ديسمبر من عام 2018.
أكثر ما يحرص عليه هؤلاء المتمردون الطائفيون وداعميهم هو تحويل العائدات النفطية، إلى استحقاق عسكري يتحكمون به بمفردهم، بعد أن تعذر فرضها كنقطة تفاوضية قابلة للتنفيذ ضمن المفاوضات المتعثرة لتجديد الهدنة، بل أنهم يريدون تحريرها من التزامات سابقة لهم بهذا الخصوص قدموها ضمن تفاهمات استوكهولم

اليوم ووسط أنباء عن شلل محتمل في قطاع إنتاج الطاقة اليمني، وهو أمر يهدد قدرة السلطة الشرعية المتشظية في الاستمرار والتشغيل وتلبية الحد الأدنى المعتاد من احتياجات الشعب اليمني، تبدو الأمور وقد حسمت لصالح أجندة المتمردين وداعميهم، وهو أمر يضع تحالف دعم الشرعية على المحك، كطرف فشل بالفعل في تحقيق الأهداف الأساسية المشروعة يمنياً، وعجز عن تحقيق الأمن في العمق الاستراتيجي لدولتيه وتسبب في شلل الدولة اليمنية بشكل كامل، خصوصاً بعد أن فُرض مجلس القيادة الرئاسي على رأس السلطة الشرعية. ويضم المجلس من ثمانية أشخاص يمثلون مشاريع سياسية متصارعة بالأساس ويجدون صعوبة في الالتئام وأداء مهامهم بشكل سلس وبتفاعل إيجابي.

تبدو السلطة الشرعية ورأسها على وجه الخصوص والحكومة كذلك، مجردة بشكل كامل من أي سلاح كفؤ ورادع في مواجهة الطائرات الإيرانية المسيرة التي وضعت بين يدي الجماعة المتمردة بصنعاء، وليس ضمن أجندة التحالف تمكين هذه السلطة من الحصول على السلاح لحماية المنشآت الاقتصادية الحيوية والمدنيين. لكن الأسوأ أن هذه السلطة الشرعية وخصوصا بعد أدمجت فيها التشكيلات المسلحة والتكوينات السياسية الموتورة، لا تبدو جاهزة للتعاطي مع أدواتها الخشنة بالمسؤولية التي تفرضها التهديدات، فثمة قيادات في هذه الشرعية يتمنون سقوط مأرب أكثر من الحوثيين.
ليس مستبعداً أن تكون الهجمات الحوثية ضمن مخطط يتخادم معه الانفصاليون الذين يعتقدون أن جنوبهم غني بالثروات التي لا تنضب، وحان الوقت ليتوقف الشماليون عن استغلالها، بالإضافة إلى ما قد يوفره عجز السلطة الشرعية الحالية من فرصة لتفكيكها بشكل نهائي، وتمكين المشاريع الانفصالية في الجنوب والطائفية في الشمال من اقتسام تركة الحرب

وليس مستبعداً أن تكون الهجمات الحوثية ضمن مخطط يتخادم معه الانفصاليون الذين يعتقدون أن جنوبهم غني بالثروات التي لا تنضب، وحان الوقت ليتوقف الشماليون عن استغلالها، بالإضافة إلى ما قد يوفره عجز السلطة الشرعية الحالية من فرصة لتفكيكها بشكل نهائي، وتمكين المشاريع الانفصالية في الجنوب والطائفية في الشمال من اقتسام تركة الحرب وفوائدها طبقا للمخطط الإقليمي الخبيث.

استدعت الهجمات التي ينفذها الحوثيون على القطاع النفطي تنديداً من جانب السفراء الغربيين المعنيين بملف الحرب في اليمن، وهو توجه يتساوق مع جهود سعودية لإعادة طرح موضوع تصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية، خصوصا أن المفردات المستخدمة في بيانات السفراء الغربيين قوية وتدين بشدة هذه الهجمات وتصفها بالإرهابية.
ثمة مخاوف من أن الهجمات العسكرية ضد المنشآت النفطية وناقلات النفط التي تقصد الموانئ اليمنية، قد تحقق بعضاً مما يحتاجه المبعوثان الأمني والأمريكي للوصول إلى إعادة تجديد الهدنة عبر تقديم التنازلات التي يفرضها المتمردون في صنعاء

لكن هل يجب أن ينحدر اليمن إلى هوة سحيقة من الفقر والعوز والجوع وانعدام الأمن والتشرد والشلل حتى تتمكن السعودية من حشر حلفاء إيران في اليمن في دائرة الاستهداف الدولي، بينما لا يزال بوسعها الوصول إلى هذا الهدف بوسيلة مشروعة وهي هزيمة الحوثيين عسكرياً عبر تمكين الجيش الوطني من إنجاز هذه المهمة؟

ثمة مخاوف من أن الهجمات العسكرية ضد المنشآت النفطية وناقلات النفط التي تقصد الموانئ اليمنية، قد تحقق بعضاً مما يحتاجه المبعوثان الأمني والأمريكي للوصول إلى إعادة تجديد الهدنة عبر تقديم التنازلات التي يفرضها المتمردون في صنعاء، وكأن نجاح هذين المبعوثين الفاشلين مرهون بمزيد من إضعاف الشرعية وتفتيتها.

واحتمال كهذا إن صح، وهو غير مستبعد، فإنها الكارثة التي حلت ولا تزال باليمن بتدبير واضح من مجتمع دولي وإقليمي انتهازي وعدائي إلى أبعد الحدود.

twitter.com/yaseentamimi68