صحافة دولية

إيكونوميست: هل بلغت الصين ذروة قوتها؟

جيتي
نشرت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية تقريرًا تحدثت فيه عن التحديات التي تنتظر الرئيس الصيني شي جين بينغ العام المقبل بعد القضاء على الفقر المدقع، وسياسة صفر كوفيد التي أنقذت الأرواح، وتفاخر حزبه بـ "احتواء الانفصاليين العرقيين والمتطرفين الدينيين والإرهابيين العنيفين".

وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن العديد من الدول الغربية تجد أن صعود الصين يُنذر بالخطر، ولعل ذلك ما يفسّر سعي إدارة بايدن إلى عرقلة صناعة التكنولوجيا الصينية بفرض عقوبات وضوابط على الصادرات.

في الأثناء، يريد شي إعادة تشكيل النظام العالمي بتقديم النموذج الاستبدادي الصيني كبديل معقول عن الغرب، خاصة بامتلاكه موارد تحت تصرفه أكثر من أي "طاغية" في التاريخ. ومع ذلك، تعد الصين أضعف من أن تقوم بذلك بفضل خيارات شي الخاصة، الذي سيجد صعوبة في تحمل عواقبها في سنة 2023.



يعتبر فيروس كورونا من بين أكثر التحديات إلحاحًا. لقد حشر شي الصين في الزاوية بسياسته الخاصة "صفر كوفيد" التي تهدف إلى وقف انتشار الفيروس، والتي تعتمد على عمليات الإغلاق المحلية وفرض القيود الصارمة لوقف تفشي المرض - وهو محق لأن هذه الإجراءات أنقذت العديد من الأرواح.

وذكرت المجلة أن هذه القرارات في المقابل تخنق الاقتصاد وتثير استياء المواطنين الذين يعيشون تحت التهديد المستمر بالحجر الصحي. ومع ذلك، لا تظهر الصين سوى مؤشرات قليلة على التخفيف من القيود، ولم يتلق الكثير من السكان جرعات كافية من اللقاح المحلي للحد بشكل كبير من خطر الإصابة بالأمراض الشديدة والوفاة، ولم تسعَ الدولة لتلقيح الناس مفضلةً الإغلاق. ولن تستورد، لأسباب سياسية، اللقاحات الغربية الأكثر فعاليةً. كما أن النظام الصحي الضعيف يجعل الصين غير مستعدة للتعايش مع الفيروس.

وذكرت المجلة أنه من شأن هذه الفوضى أن تمثل مصدر قلق للحزب والاقتصاد المتعثر على حد سواء. فقد كان النمو أبطأ مما كان متوقعًا في سنة 2022 وسيظل كذلك في سنة 2023 إذا ما واصلت الحكومة مسارها الحالي. يكافح الشباب بمن فيهم خريجو الجامعات للعثور على وظائف، بينما يعاني سوق العقارات الذي يدعم جزءا كبيرا من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد أزمةً. ولا تُعد عمليات الإغلاق وقيود السفر، التي تعطل سلاسل التوريد وتستنزف ثقة المستثمرين، سوى جزء من المشكلة.



من جهته، رسم الرئيس شي صورة لاقتصاد أكثر اشتراكية تسيطر عليه الدولة، حيث يكون للحزب اليد العليا في كيفية إدارة الأعمال. وقد أبطأ وتيرة الابتكار وقلل من ديناميكية القطاع الخاص من خلال فرض لوائح صارمة على شركات التكنولوجيا وعزل الصين عن العالم.

وأشارت المجلة إلى أن التركيبة السكانية من العوامل التي تقف ضد الصين. ففي الثمانينيات، فرض قادتها في ظل نمو عدد السكان بسرعة كبيرة سياسة الطفل الواحد، ولكن في الوقت الحالي يخشى القادة حدوث عكس ما تم التخطيط له. فمن المحتمل أن يبدأ عدد سكان الصين البالغ 1.4 مليار نسمة حاليا الانكماش، ليكون العدد بذلك أقل من عدد سكان الهند باعتبارها الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم. وفي حين تسيطر نسبة كبار السن على الكثافة السكانية في الصين، تنكمش قوتها العاملة وهو ما أدى إلى تعثر النمو الاقتصادي ووضعِ عبء ثقيل على كاهل الشباب.

في سنة 2015، تبنت الصين سياسة الطفلين. وفي سنة 2021 تم السماح بإنجاب ثلاثة أطفال. ولكن لا يبدو أن الشباب يريدون أسرًا كبيرة، ذلك أن متوسط عدد المواليد لكل امرأة أقل بكثير من المطلوب للحفاظ على استقرار السكان ناهيك عن نموه.

في ظل هذه المشكلات وعبء الديون الثقيل على الصين، يجادل بعض الخبراء بأنها وصلت إلى ذروة قوتها. ولكن الرئيس شي، الذي سيعاد انتخابه رئيسًا في الدورة السنوية للهيئة التشريعية في آذار/ مارس 2023، غير راغب في تغيير مساره. قد يعني ذلك أن الصين الأبطأ نموا سيكون لديها موارد أقل لتحدي الغرب. ولكن خوفًا من الخنق الاقتصادي الذي قد تسببه الولايات المتحدة، يمكن للصين الضعيفة أن تكون أكثر خطورة.

وأضافت المجلة أنه يجب على الغربيين عدم توقع انهيار الحزب الشيوعي، لأن الاقتصاد الصيني الأضعف سيظل من بين أكبر الاقتصادات في العالم ويمكن للدولة حشد موارد هائلة في مجالات استراتيجية مثل إنتاج أشباه الموصلات أو الأسلحة. فضلا عن ذلك، ستواجه دول أخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، بدورها تحدياتها الديموغرافية الخاصة في السنوات المقبلة. وبالتالي، فإن استمرار صعود الصين أو تراجعها، ليس حتميًا.