كتب

كيف تحولت اليابان إلى دولة إمبريالية في عصر الإمبرياليات الأوروبية؟ (2من2)

تعاظم قوة اليابان وتحولها إلى زعيمة لمنطقة الشرق الأقصى أزعج الدول الغربية- (الأناضول)
الكتاب: "اليابان بين الحربين العالميتين: دراسة في التاريخ السياسي والاقتصادي والاجدتماعي 1918-1945"
الكاتب: د. أمل عفيف بوغنام 
قدمه: د. مسعود ضاهر
الناشر: الدار العربية للعلوم- ناشرون، بيروت- لبنان، الطبعة الأولى- مايو 2020
(567 صفحة من القطع الكبير).


بروز الدور العسكري لليابان ودخولها في الحرب العالمية الأولى (1914- 1918)

استطاعت اليابان أن تقف بوجه التمدد الاستعماري الغربي الأوروبي بعد انتصارها على روسياعام 1905، وأصبحت بنظر الآسيويين قوة عالمية غير بيضاء، واستمرت سياسة الاقتباس عن الغرب التي يسميها ريشاور "سياسة الامتصاص المستعجل للثقافة والتقنية الغربية. والتزمت طوكيو موقفها السياسي بضم كوريا وفق مفهوم القوى الغربية، وأدركت الحكومة [اليابانية] بأن انتصارها على روسيا كان محتملا فقط بدعم القوات البريطانية والأميركية، لكنها حجبت هذه المعلومات عن الشعب الياباني. وبعد وصول الإمبراطور تايشو إلى الحكم، بدأ الوزراء بإدارة الوزارات بأنفسهم دون العودة إلى الإمبراطور، وحدثت اضطرابات عديدة بين عامي (1912- 1914)، لكن السياسة الخارجية بقيت واحدة وفي خدمة الدولة، وهدفت إلى إقامة تعاون بين اليابان والصين في القطاع الصناعي.

تقول الباحثة أمل عفيف :"انشغلت البحرية اليابانية ببرنامج التوسع وشراء السفن الحربية والأسلحة المتطورة المستوردة من أوروبا، أمنت Siemens AG احتكاراً للعقود البحرية اليابانية مقابل (15%) تقريباً كرسم للسلطات البحرية اليابانية المسؤولة عنها". فشكلت مسألة شراء السفن الحربية والأسلحة المتطورة من الدول الأوروبية عبر ضباط البحرية اليابانية إحدى الفضائح السياسية اليابانية في نهاية عهد مايجي وبداية عهد تايشو، والتي عرفت بفضيحة Siemens) في كانون الثاني 1914، بعد تقاضي كبار الضباط في البحرية رشى من شركة أسلحة (ذخائر) ألمانيا، نتيجة تضارب مصالح بين الشركتين الألمانية والإنكليزية Vickers مع كبار ضباط البحرية اليابانية.

لكن بعد بداية الحرب العالمية الأولى، طلب من Vickers إعادة البدء في بناء سفينة كونغو Kongo، وتم إصدار عفو عن جميع الضباط المشاركين في الفضيحة كما سيطر الجيش على مجلس النبلاء House of Peers واقتطع نصف الميزانية البحرية، لكن مجلس النواب احتج بحجب الثقة. فتجددت الاضطرابات واضطر رئيس الوزراء Yamamoto أن يستقيل في 23 آذار (1914). وكانت اليابان قد ارتبطت باتفاقيات ثنائية مع دول الحلفاء، واستطاع حزب Rikken Doshikai أن يربح أغلبية الأعضاء في المجلس، عندما بدأت القوات الألمانية بالتحرك في جميع أنحاء الصين إلى Qingdao في أوائل آب (1914).
سعت اليابان إلى تقديم نفسها على أنها الضمان لإحلال السلام في الشرق الأقصى، وفرض سياسة الأمر الواقع كإحدى الدول الكبرى، وخلق موقع استراتيجي لقيادة آسيا. فبرز التوجه الجديد في اليابان من خلال انتهاجها سياسة السلطة المطلقة في شرق آسيا، وهذا ما أدى إلى تصادم التوسع الياباني في المنطقة مع الإمبرياليات الغربية

وبحكم التحالف الياباني ـ الإنجليزي، طلب الرئيس البريطاني تشرشل Winston Churchill من الجانب الياباني أن يعمل على تحطيم السفن الألمانية، بهدف تعزيز صيانة السلام العام في شرق آسيا، وصيانة الاستقلال وسلامة الأراضي الصينية على مبدأ تكافؤ الفرص في التجارة والصناعة الجميع الدول في هذا البلد وسعت اليابان إلى حماية حقوقها الإقليمية ومصالحها الخاصة في شرق آسيا، "ووجد رجال الدولة، والسياسيون والعسكريون في الحرب فرصة لتحقيق أحلامهم في بناء الإمبراطورية وتوحيد السياسة الوطنية. وتمنوا قبل كل شيء تنشيط نفوذ اليابان في الصين. كما وجدت اليابان وللمرة الأولى فرصة للحصول على دائرة نفوذ في القارة من خلال الحرب". وقد تزامن ذلك مع إعلان ألمانيا الحرب على روسيا وفرنسا (صص 85 ـ 86).

لقد أقلق تعاظم قوة اليابان بعد أن أصبحت زعيمة منطقة الشرق الأقصى، الدول الغربية المنهمكة بالحرب العالمية الأولى، بالرغم من حاجة هذه الدول لليابان في مخططاتها السياسية والعسكرية والاستراتيجية كحليف قوي، والتي استغلت بدورها الوضع في أوروبا. في المقابل، كانت العلاقة اليابانية - الألمانية تزداد توتراً، والحكومة الأميركية تطالب اليابان بحماية رعاياها ومصالحها من القوات الألمانية عند الحاجة، حيث كانت السفن الألمانية تجوب بحار شرق آسيا، مهددة حركة التجارة في المنطقة، دون أيّ احترام لمبدأ تكافؤ الفرص وصيانة استقلال وسلامة الأراضي الصينية. وبسبب وضع الإمبراطور الصحي، وجه رئيس الوزراء Okuma في (15) آب) إنذاراً لألمانيا يطلب منها أولاً، سحب قواتها فوراً من المياه اليابانية والصينية ونزع السلاح. ثانياً، تحديد مهلة زمنية لتسليم منطقة KaiChow  المستأجرة إلى السلطات اليابانية وبسرعة قبل 15 أيلول).

انتهت مهلة الإنذار في (23) آب)، وحصلت اليابان على الدعم المطلوب من دول الحلفاء، فأعلنت الحرب على ألمانيا في (24 آب). وفي (27) آب حاصرت البحرية اليابانية خليج Jinozhou ونزلت القوات اليابانية في Longzhou في (2 أيلول) في شبه جزيرة شو ندونغ Shandong، وانضمت فرقة بريطانية إليها، لكن Kato استغل فرصة الحرب لتدخل اليابان الشامل، متسلحاً بالتحالف الياباني - الإنجليزي. وكانت اليابان قد عقدت في (4 أيلول 1914) اتفاقية مع بريطانيا وروسيا وفرنسا "للتأكيد على عدم عقد أي سلام منفصل أثناء الحرب".

بعد أن رفضت ألمانيا الإنذار الأخير الذي وجهه الكونت Okuma رئيس الوزراء الياباني، طالباً منها سحب قواتها من المياه اليابانية والصينية، وتحديد طريقة تسليمها للسلطات اليابانية، شنت اليابان هجوماً على الأراضي الصينية التي كانت تحت سيطرة القوات الألمانية في إقليم Tsingtan شرقي معقل الألمان، "وتمكنت الجيوش Komei، المصحوبة ببعض القوى البريطانية من النزول في Shandong وحاصر الأسطول الياباني الجزر الألمانية في المحيط الهادئ. استمرت الحرب بين القوتين لمدة شهرين خرجت منها اليابان زعيمة آسيا «حيث تم القضاء على القوات الألمانية السياسية والعسكرية في المشرق، واستولت اليابان على ممتلكات ألمانيا في الصين، كما أجبرت الصين على الاعتراف بحقوق اليابان الإقليمية والامتيازات الاقتصادية، والتنازلات العسكرية التي لها أهمية استراتيجية عظيمة".

دور اليابان في مؤتمر فرساي VERSAILLES1919

نتيجة مشاركة اليابان الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، كوفئت بمشاركة الأمم العظيمة في مؤتمر السلام، ووصلت وفود الدول الأربع الكبرى في (كانون الثاني 1919) التي أعدّت المشروع المبدئي لعصبة الأمم، حيث اعتبر قيام العصبة الجامعة للدول المنتصرة أولوية فتمّ وضع جدول لأعمالها، في حين كان من أولويات اليابان عقد التسويات التي تسمح لها بأن تصبح قوة رئيسية في شرق آسيا، وذلك بعد أن تحصل على الأملاك الألمانية السابقة، محافظة شاندونغ Shndong، وحق الإيجار Qingdao، على أن يؤجل موضوع قيام الاتحاد. وصل الوفد الياباني للمشاركة في مؤتمر باريس للسلام الذي عُقد ما بين (18 كانون الثاني 1919 إلى 21 كانون الثاني سنة 1920)، مستنداً إلى الانتصارات التي حققتها بلاده في الحرب اليابانية -الصينية واليابانية -الروسية ،والاتفاقيات التي عقدتها معهما ومع الدول الغربية منفردة، وأصبحت نظرة الغرب إلى اليابان "رائدة التقدم في المشرق". وواجهت مبادئ ويلسون تحدي الأهداف اليابانية في استملاك إقليم Shandong في الصين، "فدخلت اليابان الحرب رغبة في زيادة تأثيرها في الصين، وفي فرساي، هدف المفاوضون [اليابانيون] الحصول على اعتراف من القوة العظمى بالمكاسب الرئيسية لليابان وقت الحرب".

تقول الباحثة أمل عفيف: "تضمن مؤتمر باريس عقد معاهدات عدة، ومنها معاهدة فيرساي في (28 حزيران 1919) التي فرضها الحلفاء على ألمانيا، وقد أصر الرئيس ويلسون على أن يكون ميثاق عصبة الأمم جزءاً لا يتجزأ من معاهدة الصلح مع ألمانيا في بداية عام (1919)، وشاركت اليابان في عصبة الأمم بروح الدبلوماسية القديمة؛ تكرار الحرب بشكل فاعل وإنشاء عصبة الأمم". سعت اليابان إلى الحصول على تفويض رسمي من العصبة لتثقيف المواطنين غير المتحضرين وإرشادهم إلى مستوى حق تقرير المصير. وبحجة مواجهة الثورة الشيوعية في آسيا وتخليص القوات التشيكولوفاكية المقاتلة في Vladivostok، وجدت دول الحلفاء فرصتها في تقويض الدور الياباني في المنطقة، ولا سيما بعد أن فشلت في الحد من تعاظم قوتها عبر تكبيلها بالاتفاقيات الثنائية، أو المؤتمرات الدولية التي دعت للحدّ من التسلح. فتشكلت لجنة من أربعة عشر عضواً لوضع ميثاق عصبة الأمم، برئاسة ويلسون، وافقت الدول المجتمعة على الاعتراف "بمبدأ مونرو"، "وقد اتفق Theodore Marburg (1862 ـ 1946) رئيس لجنة التنظيم الخارجي لاتحاد فرض السلام (LEP)، مع الرئيس ويلسون في اعتبار اليابان كإحدى القوى العظمى، وأن اشتراكها في مشروع الاتحاد ضروري ويعطيه إمكانية النجاح. وهو لا يتعارض مع مبدأ مونرو في اعتبار اليابان المراقب في شرق آسيا، وقد وافق على إعطاء اليابان امتيازات بعيدة المدى"(ص115).

التوسع العسكري الياباني الإمبريالي

قيدت الوطنية الأطماع اليابانية الإمبريالية بشروط ثلاثة أدركها المثقفون اليابانيون وهي:

1 ـ عدم السماح بالتدخل العسكري الواسع النطاق.
2 ـ عدم السماح بتشكيل مستعمرات جديدة.
3 ـ احترام الحق الوطني للعرق الصيني في تقرير مصيره، فظهرت مفردات جديدة متضاربة من حيث المفهوم؛ ففي عصر تايشو غلبت الوطنية والديموقراطية على العرقية والإمبريالية، وإن كانت الوطنية تخدم العرقية والإمبريالية، وقد تعني القومية "التمييز العرقي"، والمعنى الياباني الأصلي يعني "القومي العرقي". واستعمل هذا التعبير في بداية القرن العشرين، "القومي" أي "الجنس البشري" أو "الانتماء العرقي".

خلاصة القول إنّ الوضع الياباني الاقتصادي بين (1920 ـ 1945) يشمل مرحلتين أساسيتين في تاريخ اليابان: ما بعد الحرب العالمية الأولى حتى حادثة منشوريا، ومن حادثة منشوريا حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، فبعد أن نفذت اليابان بفضل سياستها من الوقوع تحت الاستعمار، استطاعت أن تخترق السياسة الدولية بفضل تحقيق الانتصارات على الدول المجاورة.

الإمبراطور هيروهيتو، هو الإمبراطور الرابع والعشرون بعد المئة (124) من سلالة الأباطرة اليابانيين، وهو ابن الإمبراطور تايشو وحفيد الإمبراطور مايجي. استمر حكمة منذ كانون الأول (عيد الميلاد 1926) عن عمر خمسة وعشرين عاماً حتى موته في (7 كانون الثاني 1989).

آمن الجناح العسكري الياباني بأنه لابدّ من العمل العسكري في منشوريا، وتخوفت اليابان من التهديد العسكري السوفياتي منذ (1929)، ومن المدّ الشيوعي، في حين تخوّف السوفيات من إقامة اليابان موقعاً عسكرياً في مواجهتها. وفي نفس الوقت، ضمنت اليابان الوصول إلى المصادر الغنية في منشوريا، للتوصل إلى الاكتفاء الذاتي اقتصادياً، من جهة، كانت اليابان بحاجة لمثل هذه الأعمال الخارجية من أجل تأمين الاصطفاف الداخلي وراء الجيش والانشغال بالأوضاع الخارجية.

يمكن اعتبار الحرب العالمية الثانية حرباً ثقافية بالدرجة الأولى حين اتخذت شكل "الآسيوية"، الذي ما لبث أن تحول إلى "الياباننة" في مقابل "الأوروبية" و"الأميركية"، بعد أن ازدادت غطرسة الطبقة العسكرية في منافسة التسلح بين الدول، وكان النشاط الياباني ضد القنبلة الذرية في العالم في بداية الأمر، بالرغم من المحاولات التي قامت بها من أجل تطوير الأسلحة.
تقول الباحثة أمل  عفيف:"فرضت التطورات الجديدة على اليابان تغييرات عدة، فقد حكم الإمبراطور مايجي المؤسس للإمبراطورية اليابان الحديثة أربعين عاماً، ومضى على وفاته أكثر من خمسة عشر عاماً، ومن المؤكد أن يصل إلى الحكم طبقة جديدة تحمل أفكار عصرها، تؤثر وتتأثر بالأحداث وتطوراتها، وبخاصة بعد أن امتلكت اليابان القوة الاقتصادية المدعومة بالعسكرية والتكنولوجية.

ونتج عن الثورة الصناعية الثانية في اليابان تمركز السلطة بيد النخبة في المجتمع، وقاد المهندسون مسيرة بناء اليابان العظمى. وتركز العمل على تحويل اليابان من إمبراطور برلمانية وحكومة دستورية إلى إمبراطورية توتاليتارية وحكومة عسكرية في عصر الإمبراطور هيروهيتو؛ وذلك نتيجة الأزمات التي أصابت الاقتصاد الياباني ورغبة من القيادة اليابانية في اللحاق بسياسة المحاور الكبرى، وفي ظل البحث عن حلول سريعة، والشعور بالتفوق على دول الجوار، وعلى الرغم ممّا مرّ من أحداث داخلية في اليابان إلاّ أنها بقيت متماسكة؛ فهذا التناغم بين السلطة السياسية الداعمة للإمبراطور والسلطة الاقتصادية الموجهة للسياسة الداخلية والخارجية، أتاح لكبار السياسيين اتخاذ قرارات، ووضع قوانين إلهية فُرضت على الشعب المتجانس دينياً.

وكردة فعل على إخفاق المنظمة الدولية في تحقيق السلام العالمي، عملت دول المحور على تغيير النظام الدولي وفقاً لمصالحها، بشكل أحادي الجانب. واحتاجت اليابان إلى اتخاذ مجموعة قوانين في الداخل، كان لها تأثيران: أولاً: تأثير الأفكار الشيوعية بين العمال. وثانياً، إحداث تغيير في مسار الفكر الجماعي، بإحياء الشنتو لتعزيز الانسجام الوطني، أي بتحويل الفرد من مواطن عادي إلى كاهن في خدمة الإله. وهكذا تلاقى الياباني في طموحه مع الألماني بمجرد وصول هتلر إلى حكم ألمانيا، حيث كان لوسائل الإعلام دور في تعبئة الجماهير، استعداداً لشن حرب واسعة النطاق على شرق آسيا، ويبدو أن الطموح الياباني كان أبعد من المتوقع؛ فقد حاول مدّ تأثيره إلى أفريقيا وغرب آسيا، وبات يهدد التجارة العالمية، فأصبح الهدف الغربي الأول: التخلص من العدو النازي في أوروبا؛ والثاني: التخلص من العدو على طرف الكرة الأرضية الآخذ بالتوسع شرقاً وغرباً، أو إعادة تطويعه.

فسعت اليابان إلى تقديم نفسها على أنها الضمان لإحلال السلام في الشرق الأقصى، وفرض سياسة الأمر الواقع كإحدى الدول الكبرى، وخلق موقع استراتيجي لقيادة آسيا. فبرز التوجه الجديد في اليابان من خلال انتهاجها سياسة السلطة المطلقة في شرق آسيا، وهذا ما أدى إلى تصادم التوسع الياباني في المنطقة مع الإمبرياليات الغربية(ص397).

الحرب الأمريكية-اليابانية

كانت الحرب بين اليابان والولايات المتحدة أمراً واقعياً تم تأجيلها لسنوات طويلة، على خلفية احتلال اليابان لكوريا. وجرت محادثات مطولة بين البلدين قبل الحرب العالمية الأولى، وواجهت اليابان خلافاتها مع الولايات المتحدة بالقفز فوقها حتى اكتملت الظروف التي دفعت بها لإعلان الحرب عليها. كما ألزمت الولايات المتحدة اليابان باتفاقيات اعتبرتها اليابان مرحلية، بينما أرادتها الولايات المتحدة مستمرة لاستمرار التجارة الحرة بشكل آمن، إلى أن تحقق وعي الذات المختلف عن الآخر الذي يسعى إلى تذويبه؛ هذا الوعي غذته النزاعات والخلافات بين الدول، والروح التوسعية التي مارستها الدول الغربية، وكانت المواجهة بين "الطموح الياباني" و"الأهداف الاستعمارية" صدامية، ليبقى الهدف الأساسي للحرب خلق "مجال ازدهار شرق آسيا العظيم"، مما أقلق الدول الغربية الباحثة عن شروط اقتصادية أفضل لها، وقد ساهم الاستقرار في المنطقة في أواخر القرن العشرين في إحياء هذا الهدف اقتصادياً م ا دفع الولايات المتحدة إلى البحث عن وسيلة جديدة للحدّ من طموح بعض الدول، في امتلاك السلاح النووي، ويمكن اعتبار الحرب العالمية الثانية حرباً ثقافية بالدرجة الأولى حين اتخذت شكل "الآسيوية"، الذي ما لبث أن تحول إلى "الياباننة" في مقابل "الأوروبية" و"الأميركية"، بعد أن ازدادت غطرسة الطبقة العسكرية في منافسة التسلح بين الدول، وكان النشاط الياباني ضد القنبلة الذرية في العالم في بداية الأمر، بالرغم من المحاولات التي قامت بها من أجل تطوير الأسلحة.

أكدت القوات المتحالفة الثلاث (روزفلت، تشرشل وقائد الصين العام Chiang Kai-Shek) على أنها تدخل هذه الحرب لإعاقة ومعاقبة العدوان الياباني، على أساس القرارات الصادرة عن إعلان القاهرة (1 كانون الأول 1943)، وإعلان طهران في (الأول من كانون الأول 1943) التي تتوافق مع إرادة الأمم المتحدة في حالة الحرب مع اليابان، وستواصل المثابرة في العمليات الجدية والمطولة الضرورية لتحصيل الاستسلام غير المشروط لليابان الكاميكازية. كما أكدوا على التعاون والاشتراك الحيوي لجميع الأمم، كبيرة وصغيرة، وصنفت العسكريتارية اليابانية كالفاشية والنازية فهناك ضرورة للقضاء عليها نهائياً. وبتأكيد من دول الحلفاء، وبالتحديد من الولايات المتحدة على أنها لن تقبل أي تفوق خارج دائرتها، وليست تحت سلطتها.

إقرأ أيضا: كيف تحولت اليابان إلى دولة إمبريالية في عصر الإمبرياليات الأوروبية؟ (1من2)