سياسة دولية

وثيقة تكشف تسليح القذافي للجيش الإيرلندي.. ما علاقة بريطانيا؟

دعم القذافي الجيش الإيرلندي خلال فترة السبعينيات والثمانينيات- جيتي
كشفت وثائق  إيرلندية رفعت عنها السرية حديثا عن دور الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي في تسليح الجيش الجمهوري الإيرلندي، وعلاقاته مع المملكة المتحدة في عهد رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر.

وأشار الملف السري لوزارة الخارجية الإيرلندية، الذي جرى رفع السرية عنه حديثا وتسليمه إلى الأرشيف الوطني، إلى اجتماع جرى قبل أكثر من 30 عاما بين وزير إيرلندي ومسؤول ليبي، صار لاحقا مسؤولا عن جهاز المخابرات الليبية الخارجية.

وبحسب صحيفة "ذا إيريش تايمز" المحلية، فإن الوثائق تضمنت تفاصيل محادثات خلال لقاء وزير خارجية إيرلندا آنذاك جيري كولينز بالممثل الدائم لليبيا لدى الأمم المتحدة أبو زيد عمر دوردة في نيويورك خريف عام 1991.

وأعرب الوزير كولينز عن عدة مخاوف، مثيرا قضية غلق الأسواق الليبية أمام الأبقار الإيرلندية، ولحوم الأبقار بسبب أزمة جنون البقر، مقابل الانفتاح التجاري على بريطانيا.

في المقابل، أشار دوردة إلى أن بريطانيا كانت ثاني أكبر شريك تجاري لليبيا، وأنه لا يرى أي سبب يمنع بلاده من إقامة علاقات جيدة مع المملكة المتحدة، مستدركا بالقول إن العلاقات كانت سيئة للغاية من الناحية السياسية، وهو ما فسّره كولينز بالدعم الليبي للجيش الجمهوري الإيرلندي في الماضي، الذي قال عنه دوردة إنه توقف منذ عامين.

وأوضح كولينز أنه لو كانت شحنة الأسلحة من ليبيا على متن سفينة الصيد "إسكند" قد وصلت في عام 1987 "لكانت هناك حرب أهلية في إيرلندا"، مضيفا أن "ليبيا كانت لتلحق الضرر بدولة صديقة"، فيما رد الدبلوماسي الليبي بأن ذلك كان مجرد رد فعل على موقف تاتشر من ليبيا، وكرر أنه قد توقف الآن.

وجاء في الوثيقة الإيرلندية أن "الوزير سأل عن ما إذا كانت ليبيا ترغب في الانتقام، فلماذا لم يكتفوا بتحويل تجارتهم إلى دول مثل إيرلندا؟". وسأل دوردة عن ما إذا كان بإمكان إيرلندا توفير معدات لصناعة النفط. وقال كولينز إنه لا يمكن إلا أن يكون لديه "صفقة جيدة للبيع بما في ذلك على وجه الخصوص لحوم الأبقار والماشية".

وقال كولينز إن بلاده تريد علاقات جيدة مع ليبيا، "ولكن يجب أن تتوقف ليبيا عن إمداد الجيش الجمهوري الإيرلندي بالأسلحة". وشدد الممثل الدائم لليبيا على أنه يستطيع أن يؤكد للوزير أن "ليبيا قد أوقفت هذا الآن تماما".

وأضافت الوثيقة أن "(دوردة) كان يعتقد أن الحكومة الإيرلندية يمكن أن تلعب دورا في المساعدة على تحسين العلاقات بين ليبيا والمملكة المتحدة".

وعاد دوردة إلى ليبيا عام 1993 وأصبح فيما بعد رئيسا لجهاز المخابرات الخارجي واعتقل في 2011 خلال الثورة عندما كسرت ساقاه بعدما سقط من النافذة أثناء محاولة القبض عليه، قبل أن يُسجن لمدة ثماني سنوات ليتم لاحقا إطلاق سراحه، ثم توفي في القاهرة العام الماضي.

وفي وقت سابق، كشف موقع "ميدل إيست آي" تفاصيل هامة حول الدعم الذي قدمه القذافي للجيش الجمهوري الإيرلندي خلال فترة السبعينيات والثمانينيات.

ووفقا للموقع، فإن الوثائق السرية من قبل الأرشيف الوطني الإيرلندي تظهر أن القذافي بعد أن عانى من عقوبات واسعة في أعقاب تفجير طائرة ركاب بان أمريكان فوق لوكربي في عام 1988، فقد قرر في صيف عام 1992 الكشف عن تفاصيل دعمه للجيش الجمهوري الإيرلندي في محاولة لإصلاح العلاقات مع بريطانيا.

وبحسب الوثائق، فإن المعلومات حول عدد شحنات الأسلحة، التي شاركتها بريطانيا على الفور مع الحكومة الإيرلندية كانت متوافقة بشكل عام مع تقديرات لندن نفسها، وقد صُدمت المخابرات البريطانية بحجم المساعدة المالية.

وأوضحت الوثائق، أنه بعد أن قيل لهم إن الرقم يزيد على 12.6 مليون دولار نقدًا – أي ما يعادل 45 مليون دولار تقريبًا من أموال اليوم – فقد قال المسؤولون البريطانيون إن "ليبيا منحت (الجيش الجمهوري الإيرلندي المؤقت) أموالًا أكثر بكثير مما كنا نعتقد".

وفي غضون ذلك، قإن مذكرة غارداي إلى وزارة العدل في يونيو 1992، وهي جزء من الوثائق الصادرة يوم الثلاثاء، حددت بالتفصيل شحنات الأسلحة من ليبيا إلى إيرلندا بين آذار/ مارس 1973 وتشرين الأول/ أكتوبر 1987.


وبحسب الوثائق، فإنه تم توريد الأسلحة في خمس شحنات، واحدة في عام 1973 واثنتان في عامي 1985 و1986، فيما تم تفصيل الأسلحة بأنها: 1450 بندقية كلاشينكوف آلية، و180 مسدسا، و66 مدفع رشاش، و36 قاذفة صواريخ آر بي جي، و10 صواريخ أرض-جو، و10 قاذفات لهب، و765 قنبلة يدوية، فضلا عن 5800 كغم من متفجرات سيمتكس.

وكانت آخر شحنة أسلحة في تشرين الأول/ أكتوبر 1987، عندما اعترضت فرنسا شحنة سادسة مخزنة على متن سفينة الشحن إم في إيكسوند.

وسلمت ليبيا أسماء أعضاء الجيش الجمهوري الإيرلندي الذين تلقوا تدريبات عسكرية في ليبيا، على الرغم من أن الغالبية العظمى من الأسماء يبدو أنها “أسماء أعمدة افترضها أفراد PIRA لإخفاء سفرهم إلى ليبيا”.