سياسة عربية

ماذا تريد السعودية من المحادثات مع الحوثيين؟.. سيناريوهات معقدة

باحث يمني: الحوثيون هم من يتطلعون إلى عقد صفقة مع السعودية- تويتر
لا يزال الحديث متواصلا عن المحادثات بين السعودية وجماعة الحوثي، في الوقت الذي يحيط فيه الغموض بتفاصيلها، وسط معلومات متداولة عن حصول اختراق فيها، وهو ما يثير علامات استفهام وتساؤلات عدة منها: هل تمهد هذه الجولة من النقاشات إلى تطبيع الرياض علاقاتها مع الحوثيين؟ وما انعكاساتها على الداخل اليمني؟

يرى مراقبون أن نجاح المفاوضات بين الرياض والحوثيين، سيكون إيذانا ببدء مرحلة جديدة، انطلاقا من حاجة الأولى للهدنة أو التهدئة المؤقتة.

وقال الكاتب والباحث اليمني، فهد سلطان إن السعودية وصلت إلى مرحلة النهاية من تحقيق أهدافها غير المعلنة في اليمن، المتمثلة في احتواء الثورة ( ثورة  11 فبراير 2011 ضد نظام صالح) إلى جانب أهداف أخرى كثيرة.



 العودة إلى اتفاق 2014 

وأضاف سلطان في حديث خاص لـ"عربي21": كما أن السعودية ومع التحول الجديد إلى دولة اقتصادية وتوجه 2030 من الضروري لها أن تنهي الحرب في اليمن وتبدأ بمرحلة جديدة.، مستطردا: "الذي يجري في هذه الأثناء هو العودة إلى اتفاق 2014 الذي حاولت جماعة الحوثي الخروج عنه، فيما هو لا يزال أساسا في كل اللقاءات والحوار بين الطرفين".

وتابع: هذا الاتفاق كان يقضي بتسلم جماعة الحوثي شمال اليمن وإبقاء الجنوب بعيدا، وعندما تجاوز ما تم الاتفاق عليه تشكلت عاصفة الحزم وتم تحرير المناطق الجنوبية إلى الحدود الشطرية حيث الاتفاق.

وقال، إنه عندما فشل الحوثي خلال سنوات الحرب في تجاوز أطماعه عاد صاغرا للاتفاق والبناء عليه، وخاصة مع المخاطر التي أوصلها له التحالف عندما كانت الشرعية على تخوم صنعاء.

ورأى الباحث اليمني أن المملكة ترى أن الحوثي هو الخيار الأنسب لها من باقي التيارات اليمنية، كونها جماعة لا تؤمن بالجمهورية ولا بالديمقراطية ولا بالحريات، مؤكدا أن طبيعة النظام الحوثي في السلطة يتوافق مع مشتركات كثيرة مع السعودية، فضلا عن أن الحوثي سيبقي اليمن مجزأ ومقسما وضعيفا.

"بروباغندا شيعية"من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي إنه من الواضح أن ثمة من يدفع إلى إثارة  هذا القدر من الاهتمام بموضوع المحادثات المفترضة بين السعودية والحوثيين وربطها بتوجه جديد قد يفضي إلى تغييرات جوهرية في مسار الحرب في اليمن.

وتابع التميمي حديثه لـ"عربي21" بأنه لا شيء استثنائي في هذه المحادثات وأن تذهب السعودية بسفيرها وأموالها إلى صنعاء  لاسترضاء الحوثيين، لأنها ليست على مشارف هزيمة في الحرب التي توقفت عملياً.

ويعتقد الكاتب اليمني أن المملكة تعيد استخدام الحوثيين ضمن هذا المستوى من انخراطها في الصراع تماماً كما استخدمتهم قبل ذلك، مؤكدا أن التواصل بين السعودية والحوثيين بدأ بشكل وثيق في أيلول/ سبتمبر من عام 2013 واستمر أثناء الحرب.

وأكمل: "أنتجت المحادثات المغلقة بين الطرفين في آذار/مارس من العام الماضي هدنة هي الأطول في تاريخ الحرب، وقد رأينا كيف جاءت هذه الهدنة من خارج المشاورات اليمنية في الرياض"، مشيرا إلى أن قناة التواصل بين الرياض والحوثيين لا تزال تنشط حول المستوى الأول من عملية سلام لا يزال طريقه طويلا.

وأردف قائلا: إن عملية التواصل تُعنى بالهدنة في المقام الأول وخطورتها أنها تمنح الحوثيين العديد من المكاسب التي تكرس سلطتهم في شمال البلاد.



وحسب السياسي اليمني فإن الضخ الإعلامي الذي تقوم به منظومة الإعلام الشيعية وبعض الخلايا اليمنية بشأن استسلام سعودي للحوثيين، يخفي حقيقة أن الحوثيين هم من يتطلعون إلى عقد صفقة مع السعودية توفر عليهم كلف الحسم العسكري بعيد المنال مع الجيش الوطني.

ومضى قائلا: وهذه الصفقة قد تثبت خارطة الصراع الحالية التي تتوزع عليها قوى أمر واقع ومشاريع سياسية لا وطنية.

ولفت السياسي التميمي إلى أن محاولة تصوير الصراع على أنه مواجهة بين السعودية والحوثيين، هو ما تحتاجه المملكة قدر حاجة الحوثيين إليه، موضحا أن الأولى  تريد أن تتحلل من  كلفة البقاء خلف الشرعية وأهداف التدخل العسكري المعلنة، والحوثيون يريدون تثبيت أنفسهم الطرف المقابل في معادلة الصراع من أجل إضفاء المشروعية لمعركتهم العدوانية ضد الشعب اليمني.

وأكد أنه وبعيدا عن البروباجندا الإعلامية فإن السلام مرهون وفقاً لقرارات الشرعية الدولية بحوار داخلي بين الأطراف اليمنية، مبينا أن الحوثيين يعملون بقوة على تثبيت السعودية وصية عليه من خلال اندفاعهم نحو عقد صفقات جانبية معها هروباً من استحقاق السلام الذي سيعيدهم إلى ما قبل أيلول/سبتمبر 2014.



"حراك نشط"
ومنذ أسابيع، يشهد اليمن، حراكا سياسيا نشطا، في محاولة لتحريك حالة الجمود والإعلان عن هدن طويلة الأمد، من شأنها أن تقود إلى تسوية شاملة للحرب الدامية منذ 8 سنوات.

وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، قد أعلن في وقت سابق الشهر الحالي، أنه يشعر بالتفاؤل حيال "تكثيف المحادثات" للتوصل إلى هدنة جديدة، رغم إعرابه عن قلقه من خطر تجدد النزاع.

وقال: "نحن نرى احتمال تغيير جذري في مسار هذا النزاع المستمر منذ ثماني سنوات"، وهو احتمال "لا يجب إهداره، ويتطلب إجراءات مسؤولة".

وفي الأسابيع الماضية، وصل وفد عماني رسمي إلى صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، في سياق جهود الوساطة التي تقودها مسقط بين جماعة الحوثيين والمملكة العربية السعودية التي تقود التحالف العربي، للتوصل إلى حل سياسي للصراع الذي يمزق اليمن وتسبب في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حسب الأمم المتحدة.