كتاب عربي 21

النفط الأمريكي ينافس الخليجي بأوروبا في تعويض النقص الروسي

عوّض النفط الأمريكي قسما من الصادرت الروسية لأوروبا- جيتي
مع انخفاض الواردات النفطية الأوروبية من روسيا جراء العقوبات الغربية، بنحو 21 مليون طن في العام الماضي بالمقارنة بالعام الأسبق، فقد واكب ذلك انخفاض للكميات التي تستوردها من دول شمال أفريقيا ودول الكومنولث الروسي والمكسيك بإجمالي 35 مليون طن أخرى، كما أن دوافع تكوين مخزون مناسب، قد دفعها لزيادة الواردات النفطية بنحو 43 مليون طن، مما يعني احتياجها إلى واردات إضافية بلغت 99 مليون طن.

وكان المأمول أن يكون لمنطقة الشرق الأوسط النصيب الأكبر من تلك الواردات الإضافية، باعتبارها الأقرب جغرافيا من موردين آخرين في آسيا أو الأمريكتين، لكن بترول منطقة الشرق الأوسط شاملة السعودية والإمارات والعراق والكويت وغيرها؛ لم يحظ من تلك الكميات الإضافية سوى بنسبة 25 في المائة، موزعة ما بين: 13 في المائة من السعودية و7 في المائة من العراق و3 في المائة من الكويت و2 في المائة من الإمارات، بينما كان نصيب النفط الأمريكي 32.5 في المائة من تلك الكميات الإضافية، ودول آسيا وفي مقدمتها الهند 18 في المائة، ودول أمريكا الوسطى والجنوبية 13 في المائة، وغرب أفريقيا 9 في المائة، وكندا 2 في المائة.

وهكذا استطاع النفط الأمريكي أن يرفع نصيبه من واردات النفط الأوروبية إلى 15.5 في المائة، مقابل أقل من 12 في المائة بالعام الأسبق، على حساب النصيب النسبي لروسيا الذي تراجع إلى 27 في المائة، مقابل أكثر من 32 في المائة بالعام الأسبق.

كان المأمول أن يكون لمنطقة الشرق الأوسط النصيب الأكبر من تلك الواردات الإضافية، باعتبارها الأقرب جغرافيا من موردين آخرين في آسيا أو الأمريكتين، لكن بترول منطقة الشرق الأوسط شاملة السعودية والإمارات والعراق والكويت وغيرها؛ لم يحظ من تلك الكميات الإضافية سوى بنسبة 25 في المائة

أمريكا الأولى دوليا بصادرات النفط

وتضمن التوزيع النسبي لصادرات النفط الأمريكي بنوعيه الخام والمشتقات في العام الماضي؛ توجه نسبة 27 في المائة لدول آسيا، و26 في المائة لأوروبا، و23 في المائة لدولتي الجوار الجغرافي المكسيك وكندا، و22 في المائة لدول أمريكا الوسطى والجنوبية، و2 في المائة لأفريقيا، ونصف في المائة لكل من الشرق الأوسط وأستراليا.

وهكذا انتقلت منافسة النفط الأمريكي للنفط الخليجي من الأسواق الآسيوية إلى الأسواق الأوروبية أيضا، وإن كانت زيادة الكميات الأمريكية إلى أوروبا في العام الماضي قد جاءت على حساب صادراتها للدول الآسيوية، مما خفف من المنافسة الأمريكية للنفط الخليجي في آسيا بالعام الماضي، وإن كان النفط الروسي الأرخص قد تولى مهمة المنافسة النفط الخليجي في آسيا خاصة في الهند والصين.

وهكذا تضمن التوزيع النسبي للكميات الإجمالية التي استوردتها القارة الأوروبية من النفط والبالغة 708 ملايين طن؛ استمرار تصدر روسيا رغم نقص وارداتها بنسبة 27 في المائة، تليها منطقة الشرق الأوسط 18 في المائة، ونفس النسبة تقريبا للقارة الأفريقية نصفها من الدول النفطية العربية بشمال القارة الجزائر وليبيا، وباقي دول الكومنولث الروسي 10 في المائة، وباقي دول الأمريكتين 6 في المائة، والدول الآسيوية 5 في المائة.

وربما ما زال في ذهن البعض أن الولايات المتحدة دولة مستوردة صافية للنفط، فكيف تنافس النفط الخليجي في كل من آسيا وأوروبا وغيرهما من الأسواق؟ وهنا نشير إلى أن الولايات المتحدة في العام الماضي كانت الرابعة عالميا في صادرات النفط الخام بعد السعودية وروسيا والعراق، لكنها كانت الأولى بصادرات المشتقات دوليا، الأمر الذي وضعها على صدارة صادرات الدول من الخام والمشتقات معا، مما أهّلها لتحقيق فائض بين صادراتها وواردتها من الخام والمشتقات معا.

استمرار توجه غالب النفط الخليجي لآسيا

وارتبط النصيب النسبي غير الكبير بالواردات الأوروبية من النفط من دول الخليج؛ باستمرار استحواذ السوق الآسيوي على النصيب الأكبر من صادرات الخليج النفطية، حيث ما زالت الدول الآسيوية تستحوذ على نسبة 68 في المائة من صادرات النفط السعودى مقابل نسبة 12 في المائة للسوق الأوروبية، وفي العراق اتجهت نسبة 64 في المائة من صادرات النفط لدول آسيا مقابل 27 في المائة لأوروبا.

ارتبط النصيب النسبي غير الكبير بالواردات الأوروبية من النفط من دول الخليج؛ باستمرار استحواذ السوق الآسيوي على النصيب الأكبر من صادرات الخليج النفطية

وارتفع نصيب آسيا من صادرات الإمارات النفطية إلى 85 في المائة مقابل 3 في المائة لأوروبا، وكان نصيب آسيا 85 في المائة أيضا من صادرات الكويت النفطية مقابل نسبة 4 في المائة لأوروبا، كما استحوذت آسيا على نسبة 78 في المائة من صادرات النفط لباقي دول الشرق الأوسط مقابل نسبة 4.5 في المائة لأوروبا، بينما اختلف الأمر في كل من الجزائر وليبيا، حيث اتجهت نسبة 75 في المائة من الخام الجزائري لأوروبا، ونسبة 71.5 في المائة من صادرات الخام الليبي إلى أوروبا.

وتحرص الدول الخليجية على الأسواق الآسيوية ضخمة الاستهلاك والأقرب جغرافيا، والتي تضم الصين المستهلك الثاني للنفط في العالم، والهند المستهلك الثالث، واليابان المستهلك الخامس، دوليا وكوريا الجنوبية المستهلك الثامن، وإندونيسيا المستهلك الحادي عشر، وتايلاند المستهلك الخامس عشر، وسنغافورة المستهلك السادس عشر دوليا، خاصة مع انخفاض نسبة الاكتفاء الذاتي من النفط في غالبية تلك البلدان، والتي تبلغ صفرا في المائة بسنغافورة، و1 في الألف بتايوان، 3 في الألف باليابان، و1.3 في المائة بكوريا الجنوبية، و14 في المائة بالهند، و21 في المائة بباكستان، و26 في المائة بتايلاند، و29 في المائة بالصين، و38 في المائة بفيتنام، و41 في المائة بإندونيسيا، و63 في المائة بماليزيا.

عوامل تنويع الأسواق والكميات الضخمة التي تستهلكها القارة الأوروبية، وتدني نسب الاكتفاء الذاتي في العديد من أسواقها مثل ألمانيا وايطاليا وإسبانيا وهولندا وفرنسا، تجعل استمرار التواجد للنفط العربي في الأسواق الأوروبية أمرا حتميا، خاصة مع استمرار أوروبا لبعض الوقت في ممارسة الضغوط على النفط الروسي، حيث تشير بيانات الربع الأول من العام الحالي إلى تراجع مركز روسيا إلى المركز السابع بين موردي النفط للاتحاد الأوروبي، بنسبة 3 في المائة من الإجمالي، مقابل نسبة 26 في المائة بنفس الفترة من العام الماضي

مركز روسيا يتراجع من الأول للسابع

وتتوقع الدول الخليجية إمكانية تسوية الأزمة الروسية الأوكرانية وعودة النفط الروسي الأرخص عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا، إلا أن عوامل تنويع الأسواق والكميات الضخمة التي تستهلكها القارة الأوروبية، وتدني نسب الاكتفاء الذاتي في العديد من أسواقها مثل ألمانيا وايطاليا وإسبانيا وهولندا وفرنسا، تجعل استمرار التواجد للنفط العربي في الأسواق الأوروبية أمرا حتميا، خاصة مع استمرار أوروبا لبعض الوقت في ممارسة الضغوط على النفط الروسي، حيث تشير بيانات الربع الأول من العام الحالي إلى تراجع مركز روسيا إلى المركز السابع بين موردي النفط للاتحاد الأوروبي، بنسبة 3 في المائة من الإجمالي، مقابل نسبة 26 في المائة بنفس الفترة من العام الماضي وكانت تضعها في المركز الأول.

وبلغ نصيب الولايات المتحدة 13 في المائة مقابل 10 في المائة. كما بلغ نصيب النرويج 13 في المائة مقابل 9.5 في المائة، وزاد نصيب كازاخستان إلى عشرة في المائة مقابل 8.5 في المائة، وارتفع نصيب السعودية إلى 8 في المائة مقابل أقل من 5 في المائة، كما استمر نصيب ليبيا عند 7 في المائة، وزاد نصيب نيجيريا إلى 7 في المائة مقابل 6 في المائة، وباقي الدول 38 في المائة مقابل 27 في المائة، مما يتطلب الاستفادة عربيا من تلك الفترة التي تبتعد فيها أوروبا عن النفط الروسي.

twitter.com/mamdouh_alwaly