صحافة دولية

كيف أثرت الظواهر المناخية على مدن الموانئ في شمال أفريقيا والشرق الأوسط؟

تحدث حجي وعلماء آخرون عن سوء التخطيط في الإسكندرية وتأثيره على ساحلها- تويتر
حذرت ورقة بحثية من أن مدينة الإسكندرية في مصر، معرضة بشكل متزايد للفيضانات الساحلية والتآكل، وذلك بسبب مشاريع التطوير التي تمت خلال العقد الماضي، والتي عملت على طمر الممرات المائية المهمة التي كانت ضرورية لتنظيم الظروف المناخية المائية المتطرفة.

ونشر موقع كلية فيتربي للهندسة بجامعة جنوب كاليفورنيا تقريرًا سلط فيه الضوء على ما تواجهه مدن الموانئ في شمال أفريقيا والشرق الأوسط من خطر التطرف المناخي؛ حيث تحذر الدراسات من التهديدات الهيدرومناخية والبيئية الرئيسية التي تواجهها هذه المدن الساحلية في المنطقة، وهو ما تؤكده التحولات الحرجة في مدن الإسكندرية والمنامة وطنجة.

وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه بحسب عصام حجي، عالم المياه في كلية فيتربي للهندسة بجامعة جنوب كاليفورنيا، فإن الظواهر المناخية المتطرفة التي نشهدها مؤخرًا هي إشارات تحذيرية ترسلها لنا المناطق القاحلة.

ونقل الموقع عن حجي قوله: "إننا نخسر المعركة ضد الأحداث المناخية المتطرفة"، وقد سلطت الأوراق الجديدة التي نشرها حجي الضوء على ما تدل عليه التطورات الحاسمة في الإسكندرية بمصر؛ والمنامة بالبحرين؛ وطنجة بالمغرب؛ حيث يقول حجي إنه رغم بعد هذه المناطق آلاف الأميال عن بعضها البعض، إلا أنها تظهر جميعًا نقاط ضعف مناخية مثيرة للقلق بالإضافة إلى انخفاض الوعي العام بهذه التهديدات المتزايدة.

وأوضح الموقع أن حجي يحذر من أن المشاكل التي تواجهها المدن الساحلية في المناطق القاحلة تحدث في وقت أقرب بكثير مما كان متوقعًا، وهذه الموانئ تصدر موارد الطاقة والسلع الحيوية على مستوى العالم، وهي بوابة لتوفير الغذاء الحيوي، وتدهورها السريع قد يكون له عواقب إقليمية وعالمية على المستهلكين في جميع أنحاء العالم.

الإسكندرية
أفاد الموقع بأنه وفقًا للورقة البحثية التي نشرها حجي وزميلاه سارة فؤاد وهي زميلة أبحاث في جامعة ميونيخ التقنية لهندسة المناظر الطبيعية، وأودو فايلاخر رئيس هندسة المناظر الطبيعية والتحول في جامعة ميونيخ التقنية، فإن الإسكندرية ومواقعها الشهيرة التابعة لليونسكو وسكانها الستة ملايين، أصبحت معرضة بشكل متزايد للفيضانات الساحلية والتآكل، ويرجع الباحثون ذلك إلى مشاريع التطوير التي تمت خلال العقد الماضي، والتي عملت على طمر الممرات المائية المهمة التي كانت ضرورية لتنظيم الظروف المناخية المائية المتطرفة.

ونقل الموقع عن فؤاد، المؤلفة الأولى للدراسة، إن المدينة كانت قادرة على "البقاء على قيد الحياة لآلاف السنين في مقاومة الزلازل وارتفاع مستوى سطح البحر والتسونامي وعرام العواصف، لكن سوء إدارة الممرات المائية في المدينة، وتطوير المناظر الطبيعية الحضرية على مدى السنوات العشر الماضية، أعاقها، وجعلها واحدة من أكثر الأماكن عرضة للفيضانات الساحلية وارتفاع مستوى سطح البحر عن وجه الأرض".

وأشار الموقع إلى أن الباحثين استخدموا صور الأقمار الصناعية، وسجلات رسم الخرائط، والتحقق من صحة الموقع على الأرض، والاستبيانات العامة لتقييم الزيادة السريعة في نقاط الضعف المناخية، وتشرح الدراسة المنشورة أن طمر الممرات المائية يقلل من قدرة المدن الساحلية على مقاومة الظواهر المناخية المتطرفة؛ فوفقًا للباحثين، تعمل القنوات على تبريد مناخ المدينة، وأثناء تدفقها إلى البحر، تترسب الرواسب على الساحل ما قد يخلق حصنًا طبيعيًا ضد التآكل، وبدون هذه الممرات المائية القديمة، فإن سواحل الإسكندرية تستنزف بشكل متزايد، وتؤدي هذه التطورات إلى زيادة المخاطر المرتبطة بالظواهر المناخية المتطرفة.

وذكر الموقع نقلًا عن المؤلف المشارك أودو فايلاخر أن طمر الممرات المائية له تأثير آخر بعيد المدى؛ وهو تقليل حساسية الجمهور تجاه قربهم من الساحل ونقاط الضعف المناخية؛ ويقول فايلاخر: "عندما تُزيل الممرات المائية، سيفقد الناس ارتباطهم الثقافي بكل من نهر النيل والبحر الأبيض المتوسط".

وأضاف الموقع أنه وفقًا لحجي فإن "تجربة الإسكندرية مع الظواهر المناخية المتطرفة توفر رؤية قيمة للمدن الساحلية في جميع أنحاء العالم، والتفاعل المعقد بين التغيرات المناخية والبيئية، والتصور العام لها في المناطق الحضرية ذات الكثافة السكانية العالية يتطلب نهجا متكاملا متعدد الأوجه للتكيف، وهو أمر غير موجود بعد في العديد من الدول النامية".

المنامة
وبين الموقع أن الورقة الثانية التي شارك في تأليفها حجي تتناول مدينة المنامة الساحلية في البحرين، والتي تقع على بعد 1600 ميل شرقي الإسكندرية؛ ويقول إن المدينة تعد من أقدم وأهم الموانئ في الخليج وتشهد هبوطًا واسع النطاق، وتشير الورقة البحثية إلى أن هذه الأرض الغارقة مرتبطة بزيادة إنتاج حقول النفط، واستنزاف طبقة المياه الجوفية المحلية، وذوبان الأنهيدريت والحجر الجيري الطباشيري تحت السطح.

طنجة
واختتم الموقع تقريره بالحديث عن ورقة بحثية ثالثة شارك في تأليفها حجي، في مجلة "ساينتيفيك ريبورتس"، والتي توثق أن مدينة طنجة الساحلية في المغرب، والتي تعد أحد أكبر موانئ التصدير الأفريقية، على بعد 2800 ميل إلى الغرب من الإسكندرية، تواجه الآن مأزقًا مماثلًا: زيادة الفيضانات وتآكل التربة، وكما هو الحال في الإسكندرية، يشير المؤلفون إلى أن هذه المخاطر تأتي من الزحف العمراني المتزايد الذي تفاقم بسبب زيادة الظواهر المناخية المتطرفة التي لوحظت خلال العقد الماضي.

للاطلاع على النص الأصلي (هنا)