صحافة دولية

كيف أصبح الحوثيون رأس الحربة ضد "إسرائيل" والولايات المتحدة؟

الصحيفة قالت إن الحوثيين استفادوا من الأخطاء التي ارتكبتها جارتهم السعودية التي شرعت في حملة قصف كارثية ابتداء من سنة 2015- الأناضول
نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن التحول الذي شهدته جماعة الحوثي في اليمن من حركة ثورية إلى فاعل دولي يمتلك تأثيرا كبيرا على الوضع في اليمن والمنطقة بأسرها.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه على خلفية دعم الفلسطينيين في غزة، تحول الحوثيون من حركة ثورية في معقلهم الجبلي شمالي اليمن قبل عشرين سنة، إلى رأس حربة المقاومة ضد "إسرائيل" والولايات المتحدة بفعل هجماتهم المتكررة التي تهدد حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر.

 لكن مفكرا يمنيا من صنعاء ذكر للصحيفة أنه "يجب ألا ننسى أن حركة الحوثي قائمة منذ ما قبل سنة 2004 بكثير، وتعتمد على سلالة قديمة، الزيديون، التي تسعى إلى استعادة السلطة بعد أن فقدتها في سنة 1962 خلال الثورة".

وأوردت الصحيفة أنه منذ سنة 2011، استغل الحوثيون الفوضى التي أحدثها "الربيع العربي" في اليمن للاستيلاء على العاصمة صنعاء في سنة 2014، ثم نصف الأراضي في الشمال وشمال غرب البلاد. وكان التقدم ممكنًا بفضل حشد العديد من الجنود من نظام الدكتاتور السابق علي عبد الله صالح، والدعم اللوجستي من إيران وحزب الله اللبناني، على الرغم من أن علاقة الزيديين متباعدة مع الشيعة الإيرانيين.

وقد استفادوا من الأخطاء التي ارتكبتها جارتهم السعودية، التي شرعت في حملة قصف كارثية للحوثيين ابتداء من سنة 2015. واغتنم حليفهم الإيراني الجديد الفرصة للضغط على الرياض، العدو اللدود لطهران، بتكلفة قليلة حتى يتصالح المتنافسون في شباط/فبراير 2023.

تجديدات
منذ عشر سنوات، عزز الحوثيون أخيرا عملهم في غرس أفكارهم بين السكان في المناطق التي يسيطرون عليها، سواء من خلال الكتب المدرسية أو "غسيل دماغ" المعتقلين في السجون.

وذكرت الصحيفة أنه في 21 أيلول/ سبتمبر وبمناسبة الذكرى التاسعة لاحتلالهم صنعاء، قدّم عرض عسكري كبير في العاصمة لمحةً عامةً عن إمكاناتهم العسكرية، مع ابتكارين: صواريخ باليستية جديدة إيرانية الصنع تم تجميعها على الرغم من الحظر الذي فرضته لجنة الأمم المتحدة على عمليات نقل الأسلحة التي تؤثر عليهم، بالإضافة إلى نسخة مجددة من طائرة مقاتلة قديمة من طراز "إف-5". ومن بين هذه الصواريخ الجديدة، صاروخ "طوفان" القريب من صاروخ "قدر" الإيراني الذي يصل مداه إلى 2000 كيلومتر، وكذلك صاروخ "شهاب 3" القادر على الوصول إلى الأراضي الإسرائيلية. كما قدم العرض أنظمة الكشف البحري المجهزة بصواريخ مضادة للسفن مثل "عاصف" (مداه 300 كيلومتر)، بالإضافة إلى صواريخ كروز (المندب-1).

وقبل أقل من ثلاثة أسابيع من الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل، الذي لم يتم إبلاغ الحوثيين به، أشار استعراض القوة هذا إلى أن جماعة الحوثي كانوا حريصين على منافسة حزب الله اللبناني في قدرته على العمل ضد أعدائهم المشتركين، الإسرائيليين والأمريكيين. ومنذ ذلك الحين، اختبر الحوثيون معدّاتهم من خلال إطلاق طائرات مسيّرة وصواريخ ضد الكيان الصهيوني وكذلك ضد السفن التجارية التي تعبر البحر الأحمر.

وقد سجلت القيادة المركزية الأمريكية نحو ثلاثين هجوما ضد السفن في البحر الأحمر، بما في ذلك "مجمع من تصميم إيراني باستخدام طائرات بدون طيار وصواريخ كروز مضادة للسفن وصاروخ باليستي مضاد للسفن في التاسع من كانون الثاني/يناير".

إيران لا تريد الحرب
كان هذا الهجوم مبررًا للقصف الأمريكي والبريطاني الأول على مواقع الحوثيين في 12 كانون الثاني/يناير، ومنذ ذلك الحين تبعه آخرون. كما سُمع دوي انفجار قرب مطار الحديدة، يوم الإثنين، أثناء إصابة سفينة كانت تبحر في البحر الأحمر بصاروخ أطلق من اليمن. لكن حسب رأي الخبراء، فإن هذه الردود لن تؤثر على الحوثيين وإنما زادت من شهرتهم. وقد تعهّد الحوثيون بوقف عملياتهم البحرية عندما يوقف الجيش الإسرائيلي قصفه لغزة.

وعلى حد تعبير المفكر الذي فضل عدم الكشف عن هويته: "يستفيد الحوثيون من هذا التأثير غير المتوقع. إنهم يرون بوضوح أن العرب لم يتحركوا وأنهم الوحيدون الذين سيتفاعلون مع المأساة التي يعيشها الفلسطينيون في غزة". لكن إلى أي مدى هم مستعدون للذهاب دون جر حليفهم الإيراني إلى حرب لا يريدها؟

في الفاتح من كانون الثاني/يناير، استقبل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان أحد قادة الحوثيين في طهران، وخلف الدعم المقدم، لا يمكن استبعاد أن إيران حذرتهم من ضرورة عدم الإضرار بالمصالح الإيرانية. ولكن ما مدى استعدادهم للاستماع؟ هل الحوثيون مثل حزب الله؟ هل يتطلب استخدام أسلحتهم الأكثر تطورا موافقة طهران؟ أو حتى وجود مستشارين إيرانيين؟

على ضوء ذلك، صرح حميد رضا عزيزي، وهو باحث في ألمانيا أنه: "على عكس حزب الله، فإن الحوثيين ليسوا صنيعة إيرانية، ولا فرعا لفيلق القدس الإيراني بل أكثر خبرة بكثير مما نعتقد".