صحافة دولية

هذه العقبات الخمس الكبرى في الوصول إلى اتفاق لوقف الحرب بغزة

رفض نتنياهو مطالب حماس في ردها على مقترح وقف إطلاق النار - الأناضول
نشرت صحيفة "الكونفيدينسيال" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن المفاوضات غير المباشرة بشأن وقف إطلاق النار في غزة التي لم تنقطع، على الرغم من وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو للشروط التي وضعتها حركة حماس الفلسطينية للتوصل إلى اتفاق مع إسرائيل بـ "الوهمية".

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه من خلال وسطاء، من مصر إلى الولايات المتحدة مرورا بقطر، ما زالت المفاوضات مستمرة عبر الوسائل الإلكترونية وفي القاهرة.

وكتب المعلق بصحيفة هآرتس الإسرائيلية عاموس هرئيل: "هناك مجال للمناورة"، مبديًا تفاؤلا غير عادي بشأن زيارة مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز إلى القاهرة للقاء الوفود المصرية والقطرية وربما حتى الإسرائيلية.

لكن هذه المفاوضات، حتى لو كانت من أجل وقف مؤقت لإطلاق النار فهي لا تنهي الاحتلال الإسرائيلي لغزة، ولا تزال تواجه تحديات كثيرة، كما شهدنا في أحدث جولة من المفاوضات بشأن الشروط ورفض الاتفاقات بين إسرائيل وحركة حماس خلال الأسابيع الأخيرة.




وذكرت الصحيفة أنه بعد مرور أكثر من أربعة أشهر على بدء الاجتياح البري لقطاع غزة، فإن إسرائيل لم تحقق بعد أهدافها بالكامل ولا يبدو أنها ستحققها. ورغم مستوى الدمار الذي لحق بمساحة تبلغ 365 كيلومترا مربعا، فإن الجيش الإسرائيلي لم يحتلها بالكامل ولم تطأ أقدام قواته بعد بعض مخيمات اللاجئين في وسط غزة وفي رفح، المدينة الحدودية مع مصر.

بالإضافة إلى ذلك، لم تقض الغارات على كبار قادة حماس أو حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني. ويتذكر الجنرال المتقاعد فرانك ماكنزي، القائد السابق للقيادة المركزية الأمريكية، على شاشة التلفزيون، أن الإسرائيليين "حددوا هدفا للقضاء على الطبقة السياسية والقيادية العسكرية لحركة حماس عند دخولهم". وأكد في الرابع من فبراير/شباط أن "هذه الإجراءات لم تكن ناجحة حتى الآن".

وفي الواقع، لم يشمل الاقتراح الأول للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس، الذي تم إعداده في باريس في نهاية كانون الثاني/يناير من قبل ممثلين عن الولايات المتحدة وقطر ومصر، أي مطلب إسرائيلي بمغادرة القادة العسكريين للحركة المسلحة الفلسطينية غزة إلى المنفى في بعض الدول العربية.




وينص اتفاق باريس الأدنى على هدنة إنسانية على ثلاث مراحل. تبدأ الفترة الأولى لمدة ثلاثة أسابيع وتستمر في المجمل 135 يوما، وذلك وفقا لوكالة رويترز للأنباء. وخلال كل هذه الفترات، سيتم إطلاق سراح مجموعة من الرهائن الإسرائيليين البالغ عددهم 132 الذين تحتجزهم حماس والذين ما زالوا على قيد الحياة. ووفقا للجيش الإسرائيلي، قُتل حوالي 32 شخصا لأسباب مختلفة، معظمهم بسبب القصف، وسيتم تسليم جثث الذين ماتوا في الأسر. وفي المقابل، سيتم إطلاق سراح مئات السجناء الفلسطينيين.

إلى جانب هذا الاتفاق الأولي، لا تزال هناك خمس عقبات رئيسية أمام إنهاء الحرب:

1.تطالب حماس بإطلاق سراح ما لا يقل عن 1500 أسير فلسطيني، وهو رقم مبالغ فيه في رأي المجلس الوزاري الإسرائيلي. وقبل بدء الحرب، كان هناك 4763 أسيرا فلسطينيا في السجون الإسرائيلية، لكن عددهم تضاعف منذ ذلك الحين. ومن بين الأشخاص الذين يؤمل إطلاق سراحهم مروان البرغوثي، أحد قادة فتح، المنافسة لحماس، الذي قضى 22 سنة خلف القضبان. وثلث الذين تم الإفراج عنهم كان محكوما عليهم بالسجن المؤبد. أما بالنسبة لأولئك الذين سيواصلون قضاء عقوباتهم أو هم في الاعتقال الإداري، تطالب حماس بتحسين ظروف سجنهم.

2.تريد حماس أن تؤدي هذه الهدنات الإنسانية المتسلسلة الثلاث إلى وقف نهائي لإطلاق النار. في المقابل، يرفض نتنياهو القيام بذلك لأنه يريد أن يكون له مطلق الحرية في استئناف الهجوم إذا رأى ذلك ضروريا. وقد أخبر الوسطاء القطريون والمصريون حماس أنه عندما تنتهي هذه الهدنات، فإن الضغوط الدولية سوف تجعل من المستحيل تقريباً على الحكومة الإسرائيلية العودة إلى الحرب. 

3.تطالب حماس الجيش الإسرائيلي بالسماح، في المرحلة الأولى، بالتنقل بحرية داخل غزة، وبعودة مليون ونصف مليون مدني إلى الشمال المدمر، وأخيرا انسحابهم من القطاع بأكمله. لكن الحكومة الإسرائيلية مستعدة فقط لسحب جيشها من المراكز الحضرية الرئيسية.

4.تريد حماس من إسرائيل أن تمنع زيارة اليهود، برفقة الجيش، إلى المسجد الأقصى، حيث سمحت لهم الحكومة الإسرائيلية بهذه الزيارات ابتداء من سنة 2003، ويعتبر المسلمون هذه الزيارات بمثابة استفزاز.  وأطلقت حماس على هجوم السابع من تشرين الأول /أكتوبر اسم "طوفان الأقصى".

5.تطالب حماس أيضا بفتح جميع حدود غزة لدخول المساعدات الإنسانية عبرها قبل إعادة إعمار القطاع، وهو ما قد يستغرق ثلاث سنوات على الأقل. ومن جانبها، ترغب إسرائيل في فرض سيطرتها على ما يدخل غزة برًا لمنع إدخال الأسلحة عبر معبر رفح مع مصر. وبالتوازي مع ذلك، سيتعين على تل أبيب والقاهرة الاتفاق على الكيفية التي سيتمكن بها الإسرائيليون من مراقبة الأنفاق، المغلقة الآن، بين شبه جزيرة سيناء وغزة، التي جلبت حماس من خلالها الأسلحة إلى غزة. ومن الممكن إعادة فتح معبر إيريز الحدودي بين إسرائيل والقطاع، مؤقتا ولكن بأي حال من الأحوال لا يمكن لليد العاملة الفلسطينية العودة للعمل هناك بحسب السلطات الإسرائيلية.

الهجوم على الجيب الأخير

بالتزامن مع المحادثات الجارية في القاهرة، أمر نتنياهو يوم الجمعة جيش الاحتلال بتقديم خطة مشتركة إلى المجلس الوزاري الإسرائيلي لإجلاء 1.7 مليون لاجئ من غزة بالقرب من رفح والقضاء على الكتائب الأربع لحماس التي يُزعم أنها متحصنة في تلك المدينة الحدودية. لكن المهمة مستحيلة لأن هؤلاء المدنيين ليس لديهم مكان يذهبون إليه ولا وسيلة للسفر.




بيّنت الصحيفة أن الأمر بشن الهجوم الكبير الأخير يعني أنه، بين النصر الكامل الواضح وإعادة الرهائن، اختار نتنياهو الأول. ربما يكون هذا هو القرار المفضل لأغلبية حكومته المكونة من وزراء متشددين، ولكن ليس من قبل الرأي العام. ويكشف الاستطلاع الذي أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، والذي نُشر الأسبوع الماضي، أن 51 بالمئة من الإسرائيليين يعطون الأولوية لإنقاذ الرهائن، في حين يفضل 36 بالمئة فقط القضاء على حماس.

من جهته، لم يحدد نتنياهو متى يجب أن يبدأ الجيش تنفيذ هذا الأمر. وتمثل رد الفعل الوحيد للحركة الفلسطينية في إصدار بيان تعلن فيه أن أي "عدوان عسكري واسع النطاق" من شأنه أن يضع حدا فوريا لأي مفاوضات.

أضافت الصحيفة أن الصحافة الإسرائيلية لم تحدد تاريخ بدء الهجوم المعلن، لكنها أشارت إلى أنه يجب أن يكتمل بحلول العاشر من آذار/مارس، عندما يبدأ شهر رمضان. ومنذ أعلن نتنياهو نيته الاستيلاء على رفح، تعرض لانتقادات شديدة من الغرب والعالم العربي، نظرا لأن الاستيلاء على تلك المدينة الأخيرة من شأنه أن يسبب مجزرة. وقد تجاوز عدد القتلى 28 ألفا، حسب وزارة الصحة في غزة.

ومن جانب آخر، كتب وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس على موقع "إكس"، يوم السبت، أن "توسيع العمليات العسكرية إلى رفح سيشكل تهديدا خطيرا لحياة أكثر من مليون لاجئ فلسطيني في المنطقة وسيزيد من الكارثة الإنسانية". 

واستنكر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، التصعيد العسكري الإسرائيلي في رفح الذي يهدف إلى "طرد الفلسطينيين من أراضيهم". وهذا بالضبط ما تخشاه مصر: أن يهرب عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين من التفجيرات، ويقتحموا نقاط التفتيش في رفح ويدخلوا إلى سيناء.

وفي محاولة لمنع حدوث ذلك، حذر نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي من أنه سيعلق معاهدة السلام مع إسرائيل إذا اقتحم جيشها رفح وتسبب في رحيل أعداد كبيرة من المدنيين، وذلك حسب صحيفة وول ستريت جورنال. ولا ينبغي أن يُقلق هذا التعليق نتنياهو كثيرا، لأن مصر لن تعيد بأي حال من الأحوال فتح ملف الصراع مع إسرائيل.

وفي الختام، أبرزت الصحيفة أنه على الأرض، اتخذ السيسي إجراءات وقائية أخرى مثل تركيب كاميرات على الجانب المصري من تلك الحدود يمكن من خلالها توقع النزوح البشري. كما قام ببناء جدار خرساني يبلغ ارتفاعه ستة أمتار، يعلوه سياج من الأسلاك الشائكة، لمنع الدخول الجماعي للفلسطينيين. وعلى عكس سوريا أو الأردن أو لبنان، لم ترحب مصر باللاجئين الفلسطينيين إلا نادرا منذ قيام إسرائيل في سنة 1948.