ملفات وتقارير

ما دلالة غياب "سبتة ومليلية" عن زيارة رئيس حكومة إسبانيا للمغرب؟

الجمارك التجارية تم إغلاقها لأكثر من 5 سنوات- إكس
تسبّب غياب الحديث عن الوضع الاقتصادي بمدينتي سبتة ومليلة المُحتلّتين، خلال زيارة رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، إلى المغرب، في فتح الباب على مصراعيه لجُملة من الانتقادات من طرف سياسيين ونقابيين بالمدينتين.

وفي هذا السياق، اعتبر رئيس اتحاد أرباب العمل في مليلية، إنريكي ألكوبا، أن "زيارة سانشيز الأخيرة للمغرب كانت مخيبة للآمال، بسبب عدم مناقشة إمكانية فتح المعابر الحدودية مع مليلية، وفتح جمارك جديدة في سبتة"، مُعربا عن أسفه لعدم مناقشة القضايا التي تخص المدينتين المغربيتين المحتلتين؛ خلال اجتماعات بيدرو سانشيز مع الملك المغربي محمد السادس، ومع رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش. 

وأوضح ألكوبا، وفقا لوكالة الأنباء الإسبانية "أوروبا بريس": "في الاجتماع الثنائي بين إسبانيا والمغرب، الأربعاء، لم تتم مناقشة أي من المواضيع التي تعتبر مهمة بالنسبة لسبتة ومليلية، حيث تم التطرق إلى قضايا مثل دعم إسبانيا للصحراء، وكأس العالم 2030، واستثمار 45 مليار يورو في البنية التحتية بالمغرب".
 
واعتبر المسؤول النقابي الإسباني، بحسب المصدر نفسه، أن "المشكل يتعدى ما هو تقني إلى ما هو سياسي، كون أن الجمارك التجارية تم إغلاقها لأكثر من 5 سنوات، كما أن نظام المسافرين يشمل اتجاها واحدا طيلة عامين، إذ يمكن نقل أي شيء من المغرب إلى سبتة ومليلية، وليس العكس".

من جهتها، قالت الأمينة العامة للحزب الاشتراكي العمالي الإسباني في مليلية، غلوريا روخاس، إنها "تقدر بشكل إيجابي اجتماع بيدرو سانشيز مع الملك محمد السادس في الرباط"، مطالبة بـ"الهدوء والصبر"، وذلك جرّاء الانتقادات التي وجّهتها الأحزاب الأخرى لرئيس الحكومة الإسبانية عند عودته من الرباط، دون تحقيق الهدف المتعلق بفتح الجمارك في سبتة ومليلية.

أما فيما يخص دلالات غياب الحديث عن المدينتين سبتة ومليلية من أجندة رئيس الحكومة الإسبانية خلال زيارته بالمغرب، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الحبيب استاتي زين الدين، إنه: "يمكن التقاط الدلالات من بلاغ الديوان الملكي، بحيث هناك أولويات والتزامات استراتيجية متبادلة يتعين الحرص على تنفيذها والوفاء بها، انسجاما مع المكتسبات الإيجابية التي راكمها الجانبين، منذ أزيد من سنة ونصف بعد الخروج من مرحلة الغموض وتصلُّب المواقف".

وتابع الأستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية في جامعة القاضي عياض بمراكش، في حديثه لـ"عربي21"، بأن "هناك ملفات لها الأسبقية تفرض نفسها في المرحلة الحالية، بعد تجدُّد الثقة في بيدرو سانشيز لمواصلة العمل الثنائي المثمر مع المملكة المغربية. ويمكن تفسير هذه الأولوية بثلاثة اعتبارات مترابطة على الأقل".

واسترسل: "أولا، الزيارة ليست منفصلة عن التطورات السابقة، وإنما تأتي في إطار استمرارية الدينامية التي أطلقتها المرحلة الجديدة للعلاقات الثنائية، والتي تم تدشينها منذ اللقاء بين الملك محمد السادس، ورئيس الحكومة الإسبانية في أبريل 2022، والذي توج آنذاك باعتماد البيان التاريخي المشترك بين البلدين".  

وأضاف: "ثانيا، التأكيد على موقف إسبانيا الذي يعتبر المبادرة المغربية للحكم الذاتي بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية هذا الخلاف المفتعل"، مردفا بأنها "إشارة عميقة إلى أن الخطوة الشجاعة وغير المسبوقة التي أقدمت عليها الحكومة الإسبانية باعتبار مقترح الحكم الذاتي المُصاغ من قبل المغرب، حلا متوازنا وواقعيا لحل الملف الترابي المغربي، تمت بعد قراءة متأنية وعقلانية للتحديات الداخلية والخارجية التي تحيط بالبلدين".

وأكد أستاذ العلاقات الدولية، في حديثه لـ"عربي21"، على أن "مواصلة البلدين تنفيذ عناصر خريطة الطريق، المنبثقة عن البيان المشترك الصادر يوم 7 أبريل 2022، وبحث السبل الكفيلة بتسريع تنفيذها، وتحديد مسارات تعاون جديدة، ومواكبة الزخم الذي أعطي لشراكة واعدة بين جارين حكيمين يُقدمان، اليوم، حالة نموذجية لما يجب أن تكون عليه العلاقات الثنائية المحكومة بحتمية الجغرافيا، وضغط التاريخ".