صحافة دولية

ناعومي كلاين: الصهيونية "صنم باطل" ونحتاج كيهود للتحرر من الإبادة المرتكبة باسمنا

شددت الكاتبة على أن الصهيونية "صنم باطل يساوي بين الحرية اليهودية والقنابل العنقودية"- جيتي
نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للكاتبة الصحفية الكندية اليهودية ناعومي كلاين، أشارت فيه إلى أنه لا توجد حاجة  في "عيد الفصح" هذا إلى صنم الصهيونية الباطل، مشددة على أن اليهود يحتاجون إلى التحرر من المشروع الذي يرتكب الإبادة الجماعية باسمهم.

وأوضحت أن فكرة التحرير في الصهيونية السياسية هي نفسها "تجديفية"، لأنها تتطلب طردا جماعيا للفلسطينيين من ديارهم وأراضيهم التي ورثوها عن أسلافهم، مشيرة إلى أن هذا "الصنم الباطل (الصهيونية)" يبرر قصف كل جامعة في غزة، وتدمير ما لا يحصى عدده من المدارس ومراكز الأرشيف والمطابع ودور النشر، وقتل المئات من الأكاديميين والصحفيين والشعراء.

وتاليا نص المقال مترجما بالكامل:
لم أزل أفكر بموسى وسخطه عندما نزل من الجبل ليجد الإسرائيليين يعبدون العجل الذهبي.

بوصفي مدافعة عن حقوق المرأة وعن البيئة، لم تكن تريحني هذه الحكاية: فأي إله هذا الذي يغار من الحيوانات؟ أي إله هذا الذي يود أن يخص نفسه بكل القدسية التي في الأرض؟

ولكن ثمة وسيلة أقل حرفية لفهم هذه الحكاية. فهي تتعلق بالأصنام الباطلة، وتتعلق بميل البشر لعبادة ما هو وثني وبراق، بالبحث عن الضئيل والمادي بدلاً من الكبير والمتعال.


ما أريد أن أقوله لكم هذه الليلة، التي تشهد في الشوارع والطرقات احتفالية عيد الفصح التاريخية، هو أن الكثيرين من أهلنا عادوا ثانية لعبادة صنم باطل. تجدهم منتشين به، ثملين عليه، مدنسين به. وهذا الصنم الباطل يسمى الصهيونية.

إنه صنم باطل يأخذ حكاياتنا التوراتية الأكثر عمقاً وتأثيراً حول العدالة والتحرر من العبودية – حكاية العبور (عيد الفصح) ذاتها – ويحولها إلى أسلحة وحشية لممارسة الاستعمار والنهب، ولرسم خرائط الطريق نحو التطهير العرقي والإبادة الجماعية.

إنه صنم باطل يأخذ فكرة الأرض الموعودة – وهي فكرة متجاوزة يكنى بها عن تحرير الإنسان، وتجدها في العديد من الأديان في مختلف أنحاء المعمورة – ويتجرأ على تحويلها إلى سند ملكية أرض معروضة للبيع لتقام عليها دولة عرقية عسكرية.

فكرة التحرير في الصهيونية السياسية هي نفسها تجديفية. فهي تتطلب من البداية طرداً جماعياً للفلسطينيين من ديارهم وأراضيهم التي ورثوها عن أسلافهم، وهو ما حدث في النكبة.

إنها منذ البداية في حرب مع أحلام التحرير. يجدر بنا في احتفالية الفصح أن نتذكر أن ذلك يتضمن أحلام التحرير وتقرير المصير لأهل مصر. يساوي صنم الصهيونية بين السلامة الإسرائيلية والدكتاتورية المصرية والدول التبيعة.

منذ البداية أنتج نوعاً قبيحاً من الحرية يرى أطفال الفلسطينيين ليسوا ككائنات بشرية وإنما كأخطار ديمغرافية – تماماً كما كان الفرعون، بحسب ما ورد في كتاب الخروج، يخشى من التنامي السكاني للإسرائيليين، فأمر بذبح أبنائهم.

لقد جاءت بنا الصهيونية إلى لحظتنا الحاضرة من الطامة، وآن لنا أن نقول بوضوح: لم تزل منذ البداية تقودنا إلى هنا.

إنه صنم باطل جر الكثيرين من أبناء شعبنا في طريق لا أخلاقي، حتى باتوا يبررون الآن تمزيق الوصايا الجوهرية: تحريم القتل، تحريم النهب، تحريم الغي.

إنه صنم باطل يساوي بين الحرية اليهودية والقنابل العنقودية التي تقتل وتجرح الأطفال الفلسطينيين.
إن الصهيونية صنم باطل يدمر كل قيمة يهودية، بما في ذلك القيمة التي تجعلنا نعلي من شأن المساءلة – وهي ممارسة تكمن في أصل احتفالية عيد الفصح، بما تشتمل عليه من أسئلة أربعة يوجهها أصغر الأطفال سناً.

بما في ذلك الحب الذي نكنه كشعب للنص وللتعليم.

واليوم، يبرر هذا الصنم الباطل قصف كل جامعة في غزة، وتدمير ما لا يحصى عدده من المدارس ومراكز الأرشيف والمطابع ودور النشر، وقتل المئات من الأكاديميين والصحفيين والشعراء – وهو ما يطلق عليه الفلسطينيون الفتك بالعلم والعلماء، وقتل كل وسائل التعليم.

في هذه الأثناء، في هذه المدينة، تستدعي الجامعات شرطة نيويورك، لتحصن نفسها من التهديد الخطير الذي يشكله نفس طلابها الذين لديهم الجرأة على توجيه أسئلة أساسية مثل: كيف يمكنكم أن تزعموا الإيمان بأي شيء على الإطلاق، بما في ذلك الإيمان بنا نحن، بينما أنتم تمكنون من يمارسون الإبادة الجماعية وتستثمرون فيهم وتتعاونون معهم؟

لقد سمح لصنم الصهيونية الباطل بأن ينمو بلا رقيب أو حسيب لوقت أطول بكثير من اللازم. ولذلك فإننا الليلة نقول: ينبغي أن ينتهي ذلك هنا.

لا يمكن ليهوديتنا أن تحتويها دولة عرقية، وذلك لأن يهوديتنا عالمية بطبيعتها.

لا يمكن ليهوديتنا أن تتلقى الحماية على يد جيش باطش لتلك الدولة، وذلك لأن كل ما يفعله الجيش هو نشر بذور الحزن، ثم لا يحصد سوى الكراهية – بما في ذلك ضدنا نحن معشر اليهود.


إن يهوديتنا لا يهددها الناس الذين يرفعون أصواتهم تضامناً مع فلسطين، من كل عرق ولون ونوع وجنس وجيل.

بل إن يهوديتنا واحدة من تلك الأصوات، وهي تعلم أن في هذه الجوقة تكمن سلامتنا وحريتنا الجمعية.

إن يهوديتنا، هي يهودية احتفالية في عيد الفصح: الاجتماع في احتفالية على تناول الطعام واحتساء النبيذ مع أحبابنا ومع الغرباء على حد سواء، إنها الشعيرة التي هي متنقلة بطبعها، وتبلغ من الخفة ما يمكننا من حملها على ظهورنا، لا نحتاج سوى لبعضنا البعض: لا جدران، لا معابد، لا حاخامات، بل دور لكل واحد، وحتى بما في ذلك – أو بشكل خاص – أصغر الأطفال. إن احتفالية عيد الفصح عبارة عن تقنية للشتات، فيما لو كان هناك مثل هذا الأمر، صممت من أجل الحزن، والتأمل، والتساؤل، والتذكر الجماعي ومن أجل إحياء الروح الثورية.

إذن، انظروا من حولكم. هذه، هنا، هي يهوديتنا، كما أن المياه ترتفع والغابات تحترق ولا شيء محتم، نصلي عند المحراب من أجل التضامن والتعاضد والتكافل، بغض النظر عن التكلفة.

لا نحتاج ولا نريد صنم الصهيونية الباطل. نريد التحرر من مشروع يرتكب الإبادة الجماعية باسمنا، نريد التحرر من أيديولوجية لا يوجد لديها خطة من أجل السلام سوى إبرام صفقات مع دول بترولية ثيوقراطية إجرامية بالجوار، بينما تبيع تقنيات الاغتيال الآلية لبقية العالم.

نسعى إلى تحرير اليهودية من دولة عرقية تريد أن يظل اليهود إلى الأبد في خوف، تريد أن يعيش أطفالنا في خوف، تريد منا أن نعتقد بأن العالم كله ضدنا حتى نهرول نحو قلعتها لنحتمي بقبتها الحديدية، أو على الأقل حتى تحافظ على تدفق الأسلحة والتبرعات.

إن ذلك هو الصنم الباطل. والأمر لا يقتصر على نتنياهو وحده، بل إنه العالم الذي صنعه هو وصُنع هو على يديه – إنها الصهيونية.

ماذا نحن؟ نحن، في الشوارع لشهور وشهور، نحن الخروج. إنه الخروج من الصهيونية.

ولتشاك شومر وأمثاله في هذا العالم نقول: "دعوا شعبنا يخرج".

نقول: "لقد خرجنا بالفعل. وأطفالكم؟ إنهم معنا الآن".