سياسة عربية

الغنوشي: بوسع تونس الجمع بين الإسلام والحداثة

راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة التونسي - الأناضول
قال زعيم حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي في حديث لصحيفة نيويورك تايمز إنه لا يزال متفائلا بنجاح الثورة التونسية، وإن بلاده لديها القدرة على تقديم المثال الديمقراطي الناجح، رغم تحذيرات دولية من مصير الربيع العربي.
وأضاف الغنوشي إننا "لا نزال نعتقد بقدرة تونس على إنشاء نظام ديمقراطي يجمع بين، الحداثة والإسلام لأول مرة في المنطقة، فهذا البلد الصغير قادر على تقديم النفع للعالم".  
وأثنى الغنوشي على اتحاد الشغل وعلى القوى الشعبية الأخرى التي دعمت للحوار، وأضاف: "كان هناك جو من الهدوء، لأن الشعب يريد هذا السيناريو، حيث جلس القادة السياسيون حول دائرة مستديرة، ولا يريد الخروج للشوارع".
وأشار تقرير الصحيفة إلى لقاء الغنوشي مع الباجي السبسي زعيم "نداء تونس"، وعرض تنازل النهضة عن بعض القضايا التي تسمح للسبسي بالترشح للرئاسة، إلا أن المقترح لم يلق تأييدا من حركة النهضة وبعض قادتها. 
وتحدثت الصحيفة عن نتائج الحوار الوطني، مشيرة إلى أن مفاوضات الأبواب المغلقة في تونس أدت إلى "تجنب اللعبة الصفرية التي صبغت الوضع المضطرب في كل من مصر وليبيا، وكذلك سورية التي تحولت إلى ساحة حرب".
وأضافت نيويورك تايمز أن "الإتفاق الذي توصلت إليه الأطراف السياسية التونسية نهاية الأسبوع، وكان هدفه تعيين حكومة تسيير أعمال إلى حين تنظيم الانتخابات، وهي أول مرة يوافق فيها الإسلاميون على تسليم السلطة رغم ما حققوه في صناديق الاقتراع". 
لكن الصحيفة تشير إلى أن تونس لا تزال منقسمة على نفسها وضعيفة، مضيفة أن لدى كل من الشيخ راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة والباجي قائد السبسي، زعيم نداء تونس رؤية مختلفة. ولكن منذ بداية الأزمة في هذا العام التقى الزعيمان وجها لوجه خمس مرات على الأقل للتوصل إلى حل سياسي" .
وتضيف الصحيفة أن المهمة "لم تكن سهلة لأي منهما، لكن ذلك يشير إلى الانقسام العميق الذي تعاني منه البلاد، إذ لم يكونا قادرين على تسمية مرشح لرئاسة الوزراء في حكومة انتقالية، عندما أعلنت النهضة أنها توصلت لاتفاق على رئيس وزراء مع عدد من الأحزاب الليببرالية. وتم اختيار مهدي جمعة  (50 عاما)، والذي كان وزيرا الصناعة، لكن السبسي لم يوقع على الإتفاق، ولم يكن قادرا في الوقت نفسه على منعه".
وتشير الصحيفة إلى أن "النهضة أرادت من وراء الإتفاق التقدم للأمام، وتطبيق إطار العمل الذي اتفق عليه الرجلان"؛ الغنوشي والسبسي، مضيفة أن الحركة لم تكن تريد تكرار تجربة مصر في تونس، فقد نظرت للوراء وشاهدت ما جرى لمحمد مرسي والإخوان المسلمين الذين يتعرضون اليوم للقمع والملاحقة، وفي الوقت نفسه رفضت أن تُدفع دفعا خارج السلطة، مؤكدة على حقها في إكمال مسودة الدستور وقانون الانتخابات، وعلى أن تغيير السلطة لا يتم إلا من خلال الانتخابات".
لكن مرحلة من التوتر والتظاهرات والعنف والاغتيالات تبعت ذلك. ويقول زعيم حركة النهضة التونسية، الشيخ راشد الغنوشي إن "المناخ السياسي المتوتر عادة ما يؤدي إلى الإرهاب"، كما نقلت عنه الصحيفة قبل التوصل للاتفاق.  
وتحدثت الصحيفة عن زعيم النهضة قائلة إنه سجن مرتين، "فيما عمل السبسي وزيرا للخارجية أثناء الدكتاتورية، وأجبر الشيخ راشد على الرحيل للمنفى، وقضى 22 عاما في بريطانيا. تعلم الغنوشي في جامعة الزيتونة والقاهرة ودمشق، ثم أنشأ حركة الاتجاه الإسلامي عام 1981، وعاد لتونس بعد سقوط الديكتاتور زين العابدين بن علي عام 2011".
ومقارنة مع الغنوشي، تقول الصحيفة، "يمثل السيد السبسي الطبقة السياسية القديمة. ولد عام 1926 لعائلة غنية، ودرس المحاماة في تونس، وعمل وزيرا للدفاع والخارجية بعد استقلال تونس عام 1956، وعمل أيضا سفيرا في فرنسا وألمانيا ونائبا في البرلمان، لكنه ترك العمل العام في سنة 94، أثناء الدكتاتورية، واختير ليدير الحكومة الانتقالية بعد الثورة عام 2011 لانه لم يتلوث بالدكتاتورية".


وتقول الصحيفة إن الانتخابات البرلمانية لم تكن لتحدث لولا عمل السبسي، والتي فتحت المجال أمام الإسلاميين للفوز في الانتخابات في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2011.
وتضيف "وبعد 18 شهرا من فوزهم بدأ السبسي ينتقد ما يراه عجز النهضة في إدارة الحكم وموقفها، المتهاون في محاربة الإرهاب داخل تونس".
وتشير الصحيفة إلى أن السبسي والغنوشي رغم الخلافات الكبيرة بينهما اقتربا من بعضهما البعض بعد اغتيال كل من شكري بلعيد في شباط/فبراير ومحمد البراهمي في تموز/يوليو.
وتقول الصحيفة إن الغنوشي واجه مقاومة داخل حزبه، حيث حذر البعض من إمكانية قيام الجيش بانقلاب، لكن مجلس شورى النهضة اتفق أخيرا على دعم الحوار الوطني. مع استمرار مظاهر القلق. وتنقل عن أحد قادة الحركة قوله "أخشى أن لا يُسمح لنا بالعودة إلى السلطة".