ملفات وتقارير

الأردن يقود حملة لـ"تسويق السيسي" لدى أمريكا

يشير محللون إلى وجود تنسيق أردني مصري بخصوص زيارة الملك الأخيرة للقاهرة - أ ف ب
الأردن الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة في المنطقة – كما يصفه رؤساء الولايات المتحدة - يقود هذه الأيام حملة تسويقية "لتلميع صورة السيسي لدى أمريكا. 

وبدا ذلك جلياً في حديث العاهل الأردني الأخير المتلفز في واشنطن، الذي خصص جزءاً منه لمدح السيسي قائلاً: "إن التحديّات التي يواجهها الرئيس عبد الفتاح السيسي، لمساعدة بلاده كثيرة جداً، وأهم ما يحاول فعله إعادة الاستقرار".
 
وحرص  العاهل الأردني على لقاء السيسي قبل توجهه إلى الولايات المتحدة والاجتماع بالرئيس الأمريكي باراك أوباما، وكبار مسؤولي الإدارة الأمريكية الأسبوع الماضي.
 
الخبر الرسمي الأردني الصادر حول زيارة السيسي لعمان، لم يخرج من كونه خبراً بروتوكولياً، لا يحمل أي تفاصيل حول ما تمت مناقشته في اللقاء، إذ اقتصر على "مناقشة العلاقات بين البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها، إضافة إلى التطورات في مختلف القضايا الإقليمية". 

وكان لافتاً في البيان الذي أصدره الديوان الملكي الأردني، حضور مدير المخابرات العامة الأردنية للقاء القمة.
 
الجهود الأردنية لدعم السيسي يقرأ محللون أنها تأتي لتحسين صورة السيسي لدى الغرب، بعد أن قاد انقلاباً عسكرياً على الرئيس المنتخب محمد مرسي، هادماً أول تجربة ديمقراطية عربية لانتخاب رئيس دولة عبر صناديق الانتخاب.
 
"المصالح المشتركة الواسعة" هي العنوان في تعزيز التقارب الأردني – المصري، بعد أن شهدت العلاقات الرسمية توتراً في أعقاب تولي مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي الحكم في مصر عام 2012، وفقاً لرئيس مركز القدس للدراسات الاستراتيجية في عمّان، عريب الرنتاوي.
 
ويرى الرنتاوي أن زيارة السيسي للأردن الخميس الماضي، تأتي من باب هذه "المصالح المشتركة والملفات ذات العيار الثقيل، ومن أبرزها الحرب على الإرهاب والرؤية المشتركة للمشهد الإقليمي في المنطقة، حيث إن هناك تقارباً في المواقف بين عمان والقاهرة".
 
ويشير الرنتاوي إلى وجود تنسيق أردني مصري، بما يتعلق بزيارة الملك الأخيرة للقاهرة، بعد أن حطت طائرة الملك عبد الله الثاني في مطار القاهرة، قبيل لقاء العاهل الأردني بالرئيس الأمريكي وكبار مسؤولي الإدارة الأمريكية الذي طرح فيه الملف المصري. 

ويقول الرنتاوي: "يأتي السيسي اليوم لعمان لمتابعة الموضوع، إذ مازالت القنوات المصرية الأمريكية غير سالكة، والأردن يستطيع أن يلعب دوراً كبيراً في هذا السياق".  
 
ويشترك الأردن مع ما أطلق عليه "محور الاعتدال" في المنطقة من حيث النظرة السلبية لجماعة الإخوان المسلمين، إلا أن الرنتاوي لا يرجح ارتقاء الموقف الأردني إلى مستوى السيناريو المصري في التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين، التي تم حظرها في مصر ودول عربية وتصنيفها على أنها جماعة إرهابية. 

ويؤكد الرنتاوي أن السياق الأردني التاريخي مغاير للسياق المصري، ولا حاجة للأردن في إعادة إنتاج السيناريو المصري، حيث "عملت المملكة على نموذج الاحتواء للجماعة".
 
واعتقل جهاز المخابرات العامة الأردني مؤخرا أبرز قادة جماعة الإخوان المسلمين، نائب المراقب العام زكي بني ارشيد، على خلفية انتقاده لدولة الإمارات التي صنفت الجماعة حركة إرهابية، الأمر الذي رأت فيه السلطات الأردنية "تعكيراً لصفو العلاقات مع دولة شقيقة".
 
وشن العاهل الأردني في مقابلة متلفزة مع الإعلامي الأمريكي تشارلي روز هجوماً على جماعة الإخوان المسلمين، متهماً إياها بأنها "خطفت الربيع العربي الذي بدأه شباب وشابات تواقون للتغيير"، قائلاً إن الجماعة في الأردن "تمت دعوتها للمشاركة في العملية السياسية والإصلاح من خلال لجنة الحوار الوطني، إلا أنها رفضت المشاركة"، لكنه وصفها بـ"منظمة رسمية".
 
وكان الأردن شكل لجنة للحوار الوطني حول عملية الإصلاح عام 2012، بمشاركة 52 شخصية حزبية وسياسية، عقب سلسلة من المسيرات جابت البلاد للمطالبة بالإصلاح. 

وأصدرت اللجنة مجموعة من المخرجات تعهد الملك عبد الله الثاني بأن تكون ملزمة للحكومات، إلا أنها لم تنفذ. من أبرز هذه المخرجات تعديل قانون الانتخاب واعتماد نظام القوائم النسبية. وسرعان ما استقال 15عضواً من اللجنة، أغلبهم من المعارضة بالتزامن مع فض اعتصام واعتقال ناشطين اعتصموا على دوار وزارة الداخلية في عمان".
 
القيادي في جماعة الإخوان المسلمين مراد العضايلة، يرى في حديث لـ"عربي21"،  أن "الخطوات الإصلاحية التي اتخذها النظام الأردني، لم تكن كافية ولم تنقل البلد لتعزيز حالة الثقة بين الشعب ومؤسسات الدولة؛ لأن أساسات العملية السياسية وجوهر عملية الإصلاح لم يمس وعلى رأسها تعديل قانون الانتخاب".
 
أما فيما يتعلق بحديث الملك حول رفض جماعة الإخوان المسلمين والذراع التنفيذي لها (حزب جبهة العمل الإسلامي) المشاركة في لجنة الحوار، يقول العضايلة إن "الحركة الإسلامية كانت تريد ضمانات كي تكون مخرجات اللجنة موضع التنفيذ. لكنّ ما حدث، أن مخرجات هذه اللجنة لم يلتزم بها النظام".
 
ولا يرى العضايلة أن جماعة الإخوان المسلمين "اختطفت الربيع العربي"، بل إنها "كانت جزءاً من الثورات ومن المجتمعات التي طالبت بالحرية والإصلاح، ولم تأت الجماعة على دبابة، إنما في صناديق الاقتراع وفق إرادة الشعوب، في الوقت الذي جاءت فيه الثورات المضادة، من خلال الانقلابات العسكرية وإجهاض للعمليات الشعبية التي قادتها الشعوب".
 
تصريحات الملك عبد الله الثاني تأتي في وقت تشهد فيه العلاقة بين الحركة الإسلامية والنظام الأردني توتراً، برره الملك عبد الله الثاني في مقابلة صحفية مع مجلة أمريكية بسعي الحركة للاستحواذ على السلطة في الأردن.
 
رئيس مركز المشرق للدراسات جهاد المحيسن يرى في حديث لـ"عربي21"، أن "الملك عبد الله الثاني تحدث عن جماعة الإخوان المسلمين في سياقها الأممي، ولم يكن يقصد الحركة الإسلامية في عمان تحديداً، إذ إنه لا يوجد قطيعة بين النظام الأردني والحركة الإسلامية التي تجلس دائماً على طاولة الحوار. فالعمل السياسي يحتمل قبول ورفض بعض القضايا".
 
ويطلق المحيسن على جماعة الإخوان المسلمين اسم "الجماعة البراجماتية" التي تستطيع الخروج من المواقف، ويرى أنه "لا يمكن تشبيه حالة الإخوان المسلمين في الأردن بالحالة المصرية أو التونسية، كون هذه الجماعة لها علاقة تاريخية مع النظام في الأردن".
 
يشار إلى أن الموقف الأردني الرسمي يتقاطع مع الموقف المصري من جماعة الإخوان المسلمين والعمل على إبعادهم عن السلطة، فقد بارك الأردن تنصيب السيسي رئيساً لمصر، وشارك الملك عبد الله الثاني في حفل تنصيب السياسي، بينما شهدت العلاقة شبه قطيعة إبان انتخاب الرئيس محمد مرسي.