سياسة عربية

مأساة نازحين سوريين هربوا من البراميل المتفجرة

عدد من النازحين هربوا نحو تركيا - أرشيفية
شرّدت البراميل المتفجرة التي تستهدف مدينة إدلب، الآلاف من العائلات إلى البراري القريبة، وإلى مدن الريف الشمالي من المدينة، فضلا عن مخيمات النزوح على الحدود السورية التركية في تجمع مخيمات أطمة، وسط ظروف إنسانية صعبة يعيشها النازحون هناك.
 
ويشير عضو فريق "غراس الأمل التطوعي" برهو العلو لـ"عربي 21"، إلى أن العشرات من العائلات النازحة من مدينة إدلب ومن مدينتي بنش وسرمين، تبيت في العراء، في ظل عدم توفر الخيام، وغياب الطعام والشراب، بسبب تقاعس المنظمات الدولية عن مسؤولياتها في تأمين النازحين من المدينة.
 
من جهتها تتحدث "أم محمد" النازحة من حي الثورة بمدينة إدلب لـ"عربي 21"، عن نزوحها من مدينة إدلب، الذي لم يكن الأول من نوعه، فقد نزحت من قبل من منزلها في حي صلاح الدين في حلب، إلى مدينة إدلب، واستأجرت منزلا في محيط كلية التربية، لكنها خسرت كلا المنزلين، المستأجر في مدينة إدلب، وذاك الذي كان في حوزتها في حي صلاح الدين، بعد إلقاء براميل النظام عليهما، ما أدى لتدميرهما بالكامل.

 

وأشار أستاذ جامعي في كلية الآداب بفرع إدلب، فضل عدم نشر اسمه خلال حديثه لـ"عربي 21"، إلى أنه خسر في المرة الأولى منزله الكائن في حي صلاح الدين، بالإضافة إلى مكتبته التي تضم ما يقرب من ألفي كتاب من قبل لصوص "التعفيش".

وأضاف المتحدث أنه اضطر إلى الهجرة مرة أخرى خارج مدينة إدلب، بسبب القصف الكثيف عليها، ونزوحه إلى بلدة أورم في ريف إدلب ينتظر قدرا، لا يزال مجهولا حتى الآن.
 
وترافق سيدة من مدينة إدلب العشرات من الراغبين في العبور إلى تركيا، لكنها تبقى متيقظة في مشيتها، ومحاولتها قطع الأسلاك الشائكة على الحدود بالقرب من قرية حور بريف مدينة إعزاز، حيث تقوم بتهريب السكان.


"أم ماجد" ترفض الركض بسرعة بالرغم من تحذيرات المهرب على الحدود، خوفا من قيام حرس الحدود الأتراك بإطلاق النار عليها، وتقول لـ"عربي 21": "لن أركض بسرعة خوفا على ضياع أموالي وجني عمري، يكفيني أنني خسرت منزلي في مدينة إدلب، ولن أقدر على خسارة ما جنيته من أموال خلال رحلة عمري الطويلة".

وكانت تربط أموالها بخيط على خصرها، رافضة الإفصاح عن قيمة المبلغ الذي تحمله، لكنها أشارت إلى أن المبلغ بالعملة المحلية وليس بالدولار أو اليورو.
 
في حين العم أبو فادي، الذي رفض في السابق الخروج من منزله المتاخم لبلدة الفوعة، إحدى أهم معاقل القوات الموالية للأسد، اضطر هذه المرة، للنزوح إلى الأراضي الزراعية القريبة من بلدة بنش، بعد الغارات المتكررة بالبراميل المتفجرة من قبل طيران النظام، وتدميرها لجزء كبير من منزله المتاخم لبلدة الفوعة، بحسب ما أكده لـ"عربي21".


وفي منطقة سلقين، تنتهي قصة نزوح لعائلة كاملة مؤلفة من خمسة أشخاص: أب وأم وثلاثة أطفال، نزحوا من إدلب قبل عدة أيام، لتطالهم براميل الأسد في سلقين، في ريف المدينة، حيث قتل أفراد العائلة، خلال رحلة نزوح لم يكتب لهم فيها سوى الموت وهم بعيدون عن الديار.
 
قصص نزوح  تروى بغصة من الألم، تتناقلها الألسن، همسا، وبصوت عال في عدد من الأحيان، تحت غصن شجرة زيتون أو داخل خيمة، لم ينتهي أهلها من رفع أعمدتها بعد.

تعبر قصص نازحي مدينة إدلب، عن تغريبة سورية جديدة، غالبا، ما تتجدد فصولها، مع ارتفاع وتيرة إجرام بشار الأسد ونظامه، وصمت المجتمع الدولي، الذي بات قلقا وعاجزا حتى عن مد يد العون لطفل سوري، لم يقص له حبل السرة بعد.