كتاب عربي 21

عادل إمام الذي جدد الإسلام

1300x600
زينهم هو الزعيم عادل إمام، الذي قال فيه القائل ساخراً: طلبنا من الله إماما عادلا فأرسل إلينا عادل إمام. إلا أن هذا المقال ليس عن وجه الشبه بين زينهم وسيادة الرئيس في مسرحية الزعيم الشهيرة، وإنما هي بين الممثل الكوميدي المصري عبد الرز السيسي والزعيم عادل إمام. فولة وانقسمت نصين. 

 فكرة الشبه هي أكثر الأفكار شيوعاً في الدراما الهندية والأمريكية والعالمية، ليس آخرها فلم الدكتاتور الأمريكي الذي أداه الممثل بن كينغسلي، وأخرجه لاري تشارلز، ويقال إنه مقتبس عن سيرة القذافي أو بشار الأسد.

 كان غريباً من وزير الدفاع الذي رقاه محمد مرسي، عملاً بقاعدة المؤلفة قلوبهم فتألّفه بقاعدة أطعم الكتف نجوماً تستح العين، لكن تبيّن أن عين السيسي البصاصة لا تستحي، فهو وزير مخابرات سابق، وعينه المخبر تبلى بالعمى، هي عين فيها ألف عود.

كان غريباً أن يطلب الممثل الذي يحب فلم "ردّ قلبي" في أحد الاجتماعات مع النخبة المصرية أن يطلب المدد من عادل إمام، فيقول له مستغيثاً: وإلا إيه يا عادل؟ فيلبي الزعيم عادل إمام النداء مثلما لبى المعتصم المرأة التي استجارت به ووقعت على اثرها موقعة عمورية، ويقول: كلنا وراءك يا سيادة الفريق. إن سيرة وزير المخابرات الحربية السيسي الإعلامية كلها تدل على أنه ممثل جيد، فهو يهوى التصوير والنجومية وأخذ الصور التذكارية مع النجوم و"الفولورز" والمعجبين، وقد يستحق، بعد تزكية مني وأمثالي من المعجبين بأداء الممثلين المصرين، أن يكون رئيساً لنقابة الفنانين، وليس رئيساً لجمهورية مصر العربية، التي جعلها إمارة إماراتية أو مدينة سعودية وحديقة خلفية لاسرائيل، فأنعم به وأكرم.

 في مسرحية الزعيم الشهيرة، يطلب سكرتير الرئيس أحمد راتب من سيادة الرئيس أن يطلب مالاً من الخزينة، فيقول الرئيس زينهم الذي سيمثل دور الرئيس بعد وفاة الرئيس لينقذ الطغمة الحاكمة، أنه يريد عشرة جنيه! فيزأر فيه سكرتير الرئيس (أحمد راتب) ويقول له: عشرة جنيه!! أنت دلوقت سيادة رئيس الجمهورية!! فيزيدها قليلاً ويجعلها اثني عشر جنيهاً!! السيسي هو زينهم نفسه بشحمه ولحمه وابتسامته، وقد صار فرعوناً أخيراً لمصر بعون آشتون واوباما وطوني بلير.. فهو يفكر مثل زينهم تماما: عربيات خضار- والأفضلية لحملة شهادة الدكتوراه- وهو رئيس الكفتة، وخلي بالكوا (أعتقد أنها ستكون عنواناً لفلم في الأيام القادمة).. الرئيس الذي تنصرم من عمر الساعة الرملية دقائق أطول من قرن بين العبارة وأختها بالرغم من المونتاج والدوبلاج والمكساج والكولاج... بانتظار أن يتذكر الجملة التالية فيكرر الأولى زاعما أن الفلاتر هي التي تعطل عمل الملكة الخطابية لديه! أو لعله لم يحفظ السيناريو المكتوب الذي يكتبه له السينارست السيسي الفرعوني العلامة هيكل، أو لعله ينتظر أن يهبط عليه الوحي ؟ أليس من رسل الله؟ . وهو في كل الزيارات العالمية، إلى إيطاليا واسبانيا يظهر، كالدهل، كالأبله، مذكرا بيونس شلبي أو سعيد صالح في دور الغبي.. ويبدو سعيداً بمصافحة الرؤساء، ومذهولاً، ينحني بأدب جم، ومتستراً بنظارة سوداء، ويمشي مثل رجل آلي، لا يرمش له جفن أمام الكاميرات، ونخشى أنه يطلب من ملكة اسبانيا، أو من الزعماء في غيبة الكاميرا ومن وراء أظهرنا، اتوغرافات للذكرى فإنها "ناقوس يدق في عالم النسيان".

 السيسي مثل عادل إمام الذي حكم الكوميديا المصرية ثلاثين سنة مثل مبارك، وبات دكتاتورها الوحيد، وزعيمها الأوحد، فحوله يدور النجوم الذين كانوا كباراً يوماً "تحت الشجرة" مثل ميرفت أمين وفوقها مثل رشدي أباظة ووحش الشاشة فريد شوقي.. وله تخلع نيكول سابا ثيابها كاملة، بما فيها ورقة التوت، التي أكلها دود القز الشبق في فيلم التجربة الدانمركية اللذيذة، حسب شهادة الممثل سامي العدل، عندما تمنعت الممثلة الشقراء إياها عن تقبيله في سيناريو فيلم آخر! وله في أفلامه، لازمات وكلشيهات وجمل ملكية يكررها لأنها أحرزت نجاحاً يوماً ما مثل: ح أعيط، وأنا غلبان،... وبه يتصل الإعلاميون ليعرفوا رأيه في الأحداث السياسية لما له من تأثير على الجماهير المسكينة الغلبانة، والنصوص تكتب له، هو يتصرف فيها، يغيّرها، يكيفها على هواه، حتى يضيع النص الأصلي، أليس زعيماً لمصر الضاحكة على خيبتها؟ و تغمس الجماهير لقمة عيشها السمراء في مرق العسل الأسود المغشوش حتى تقوى على العيط.

 وهو، أي إمام الضحك المصري المعاصر، إلى جوار كوكبة من الفنانين النجوم والحرافيش، يمنح الشرعية السياسية، سلمني نضيف أسلمك نضيف، فالزعيم يسخر في المسرحية الشهيرة من معمر القذافي، لكنه وإن كان يسخر من الرئيس العربي بعامة، إلا أنه يمنح الشرعية لحسني مبارك، فالمهم ليس قوله في المسرحية الهزار، إنما بعدها، فهو بعد المسرحية يحب الرئيس مبارك. وإذا كان يحق لعادل إمام أن يصدر ابنه فناناً ومنتجاً، ويشرك صهره في جميع أفلامه، فلا يحق للسيسي أن يرث أو يورّث أحداً من ورثته في مناصب سياسية أو حقوقية إلا برضى صندوق الانتخاب الشعبي المصري.
 
نعود إلى السيسي الممثل الذي دفعته الأقدار، إلى موقع الفرعون المصري، وكل الدلائل تشير إلى أنه سيكون آخر الفراعنة وأكثرهم تهريجاً، فهو قاتل سفاح بالجملة والمفرق، ومنافق ليس له مثيل في الوعد، يقسم ويعِدْ، وينكث بدءاً من القسم، وليس انتهاء بخارطة الطريق وعربيات الخضار وطرق المواصلات ووعد أن يجعل مصر قد الدنيا.

 من الجدير بالذكر أن عادل إمام أكثر فنان مصري مجدد للإسلام! حارب الرجل الإسلام... السياسي، والإسلام غير السياسي، فهو في فلم الإرهابي، تأليف لينين الرملي يحارب الإسلام، ويقدم عائلة مصرية" علمانية" نموذجية، يضحي الإرهابي بروحه في سبيل أن يعيش في جنة سعادتها التي يقدمها الفلم نموذجاً للأسرة "المؤمنة" السعيدة، وهو الفحل الذي تموت النساء في دباديبه، في كل أفلامه، فهو يطفئ حرائق النساء الشبقات المحرومات (طفاها يا معلم طفاها – فلم حنفي الأبهة) مثله مثل السيسي التي تحبل النساء بنجمه بالريموت كونترول. المضحكون بعضهم لبعضهم ظهير. إنهما فرعونان في ساحتين: السياسية والكوميدية، يتخادمان، فعادل إمام كان يستحصل موافقات أفلامه بنفسه رقابياً من الرقيب الأكبر مثلما يفعل نجوم بقعة ضوء السورية .. ليقول النظام: انظروا كم هي ديمقراطية دولتي.. مع رجاء استبدال حرف القاف بحرف آخر هو أشهر حروف العربية ؟

 في كل الدكتاتوريات المهرج ضروري: الزعيم السياسي ينفخ الشعب والمهرج .. ينفّسه.

وقد جمع الانقلاب العسكري الأخير، النقيضين: المهرج والملك في شخص واحد هو شخص السيسي فسبحان الله وبحمده.