ملفات وتقارير

خلاف صامت بين عمّان ورام الله عنوانه "من يفاوض على الأقصى"

عباس زار الأردن مؤخرا دون أن يلتقيه الملك على غير العادة - أرشيفية
حصلت صحيفة "عربي21" على معلومات متطابقة من مصادر أردنية وفلسطينية رفيعة المستوى، تفيد بأن "العلاقات بين الحكومة الأردنية والسلطة الفلسطينية تشهد خلافا صامتا تحت عنوان من يفاوض الإسرائيليين على الأقصى"، في مؤشر على عدم وجود ثقة أردنية وتخوفات من أن تفاوض السلطة الفلسطينية إسرائيل منفردة.

وقالت المصادر إن "تصريحات وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي الأخيرة التي وصف فيها الاقتراح الأردني بتركيب كاميرات في الأقصى بـ"الفخ"، أبرزت هذه الخلافات إلى السطح، لكن سرعان ما تم التراجع عنها ونفيها لاحتواء الموقف".

وأضافت المصادر أن "رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس زار الأردن مؤخرا مرارا دون أن يلتقيه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني على غير العادة".

وكان المالكي تراجع عن تصريحاته الأخيرة، وعاد بتصريح جديد يثمن فيه الدور الأردني في تفاهمات الأردن وكيري ونتنياهو حول خفض التوتر في القدس المحتلة، مؤكدا أن "الحكومة الفلسطينية تعوّل كثيرا على الدعم الذي تحصل عليه من الدول الشقيقة وتحديدا من المملكة الأردنية الهاشمية".
 
بينما أكدت مصادر أردنية لـ"عربي21" أن "رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور أعرب عن تخوفاته في جلسة مغلقة ضمت مسؤولين أردنيين، من تكرار السلطة الفلسطينية لسيناريو مفاوضات أوسلو والمضي منفردة في مفاوضة الإسرائيليين حول الأقصى".

في الوقت الذي أكدت فيه مصادر فلسطينية أن "السلطة تشعر أيضا بأن الأردن يسحب البساط من تحت السلطة، ويتسيد مشهد المفاوضات على الأقصى ويملي شروطه".

وقال مسؤول أمني فلسطيني لـ"عربي21" أن "التوتر في العلاقة بين الحكومة الأردنية والسلطة غير ظاهر، ويعود هذا التوتر كون السلطة لا علم لها بما يحدث من اتفاقات ومباحثات بين كيري ونتنياهو والحكومة الأردنية، كما لم يكن هناك تنسيق مع السلطة الفلسطينية بخصوص الطلب الأردني بتركيب كاميرات في الأقصى".

من ناحيته، قال الكاتب والمحلل الفلسطيني خليل العسلي لـ"عربي21": "هناك شبه قطيعة منذ زمن بين الحكومة الأردنية والسلطة الفلسطينية، فالملك لم يلتقِ أبو مازن رغم وجوده في عمان، وذلك بسبب حالة عدم الثقة، إذ يخشى الأردن من وجود قنوات اتصالات سرية بين السلطة الفلسطينية والجانب الإسرائيلي فيما يتعلق بالمفاوضات على إدارة الأقصى".

وطبقا للعسلي، فإن السلطة "تحمل الأردن بصورة غير مباشرة مسؤولية ما يجرى في الأقصى باعتباره وصيا، بحسب القوانين والاتفاقيات".
 
ويقع على عاتق الأردن تاريخيا وقانونيا بحسب معاهدات وقعت مع الجانب الإسرائيلي والفلسطيني، وحسب إعلان واشنطن مسؤولية الوصاية على المقدسات الإسلامية في القدس المحتلة.
 
"العلاقات في أحسن أحوالها"

في المقابل، يرى رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأردني، النائب حازم قشوع، في حديث لـ"عربي21" أن "العلاقات الرسمية الأردنية الفلسطينية في أحسن أحوالها".

ويستدل قشوع على ذلك "بالإسناد الأردني الكبير للشعب الفلسطيني ملكا وحكومة وشعبا حيال انتفاضة الأقصى، حيث كان الملك حازما في موقفه اتجاه عدم السماح لنتنياهو والمستوطنين أن ينالوا من ما تم الاتفاق عليه سابقا بين الولايات المتحدة الأمريكية والأردن".

أما فيما يتعلق بتركيب الكاميرات في الأقصى، أكد النائب الأردني أن "تركيب الكاميرات هو مطلب أردني ومطلب فلسطيني و أمريكي، فلا بد من التأكيد أن وجود الكاميرات سيوثق عبث قطعان المستوطنين بالأقصى والأماكن المقدسة، وبالتالي تكون الأمور واضحة صوتا وصورة، ولا يترك الموضوع للاجتهاد بالنص كما يتحدث دائما نتنياهو أو الحكومة الإسرائيلية".

ولا ينكر قشوع أن "الدور الأردني طغى على الدور الفلسطيني في المفاوضات مع نتنياهو، قائلا: "كان الدور الأردني أقوى من دور السلطة الفلسطينية، لارتباط السلطة باتفاقيات أمنية مع إسرائيل، كما أن الملك كان أكثر حزما لدرجة أنه قال: "سأحرك جيشي من ثكناته"، وهذا الموقف جعل الحكومة الإسرائيلية تذعن".

الحركة الإسلامية في الداخل: الكاميرات فخ

من جهته، اعتبر نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني، كمال الخطيب، في حديث لـ"عربي21" أن "الأردن وقع في فخ تركيب الكاميرات، إذ نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، تقريرا قالت فيه إن تركيب الكاميرات هو اقتراح سابق من نتنياهو، وكان الأردن قد رفض ذلك قبل سنوات، والآن هناك حفلة تزمير وفرح إسرائيلية بالموافقة على موضوع الكاميرات، واعتباره إنجازا، كون الكاميرات ستشكل حالة رصد أمني لكل حركة داخل المسجد الأقصى المبارك".

وبحسب الخطيب، "ستبث هذه الكاميرات للجانب العربي، لكنها حتما ستبث للجانب الإسرائيلي أيضا، وبالتالي سيفسر الاحتلال أي تحرك فلسطيني داخل الأقصى حتى لو تكبيرات المصلين بأنه يمثل نقدا للاتفاقية".

الأمر الثاني، هو "أن ساحات الأقصى كلها مسجد، والنساء تصلي هناك أيضا، ولا يجوز أن تكون صلاتها بالبث المباشر لكل العالم، تحديدا الجانب الإسرائيلي، فتكون حالة رصد أمني لكل تحرك ولكل شخص في المسجد الأقصى المبارك"، كما يقول الخطيب.

وحول من يملك الحق التفاوض على وضع الأقصى، علق الخطيب بقوله: "نتصارع على شيء ليس في أيدينا، فالاحتلال الإسرائيلي من يسيطر على الأقصى ويتحكم في المسجد ومنافذه، وهو من يحدد الدخول والخروج ومن يتجول في ساحاته ويصل إلى المنبر".
 
الأوقاف الأردنية: سننشر الاقتحامات على الإنترنت

وزير الأوقاف الأردني، هايل داود، أكد لـ"عربي21" أن "الهدف من الكاميرات هو حماية المسجد الأقصى المبارك، وتوثيق أي اعتداء أو أي تجاوزات داخل الحرم القدسي لكل العالم عبر شبكة الإنترنت، حيث ستكون الصور متاحة لكل شخص يمكنه الإطلاع عليها".

وقال إن "هذه  الكاميرات ستكون بإشراف ومتابعة وتنسيق من خلال وزارة الأوقاف الأردنية والمديرية العامة للأوقاف في القدس، التي ستشرف على التحكم وأرشفة الكاميرات".

أما بخصوص التخوفات من استغلال الاحتلال للكاميرات أمنيا، بيّن الوزير أن "الاحتلال لديه كاميرات ويرصد بطرق مختلفة إذا أراد الرصد، فالمقصود بهذه الكاميرات فضح أي انتهاكات يمكن أن تحصل في المسجد الأقصى، ونحن الآن في صدد الدراسات الفنية في موضوع توقيت تركيب الكاميرات".

وكان الاحتلال الإسرائيلي أجبر موظفي وزارة الأوقاف الأردنية في القدس المحتلة على إزالة ما قاموا بتركيبه من تجهيزات فنية لغاية نصب كاميرات المراقبة.