من الأفضل ألَّا نتكبر أو نكابر، وألا نأتي أفعالاً لا تُرْضي، نكتمها فتحكمنا ويتحكم بنا كمٌّ من الأسرار نضيق به ويحجُب عنّا الرؤية وأمناً نحن أحوج ما نكون إليه، فنحن في الغابة البشرية والوحوش ضَوارٍ.. وأن أفضل أَنواع الأمان وأكثرها إراحة ألا يكون عندنا ما إذا انكشف حرمنا الأمان وهدد حياتنا والرَّاحة.
إنني على ثقة تامة بأنه كما سَحَقَ الوعيُ الجماهيريُّ العربي المطبِّعين ودعاة التطبيع منذ كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو وغرناطة وكوبنهاغن و.. و.. فإنه سيسحق الدعوة المتجددة، لأن الأمر يتعلق بقضية أمة ووجودها ووجدانها، وبشعب ونضال..
من المؤسف أن تتحكَّم بأكبر دولة في العالم تملك زمام القوة والمال بحكم قدراتها النووية وفرضها الدولار "عملة العالم الرئيسة".. أن تتحكَّمَ بها إدارةٌ عنصرية على رأسها شخص محكوم بالصهيونية والنرجسية والعنجهية، يعادي الأقليات الدينية والعرقية والملونين في بلاده وفي العالم..
من المعروف أن من الفيروسات والأوبئة ما تطوره الطبيعة عبر مخلوقات حية ويكون فيها العنصر البشري "مضيفاً وحاضناً ووسيطاً" وناقلاً للعدوى فيصل إلينا الوباء قتالاً، ومنها ما يكون فيه العنصر البشري صانعاً للوباء ومصدراً وناشراً له ومستثمراً فيه..
من المؤسف أن ظاهرات وممارسات سياسية وصفات بشرية غاية في السلبية موجودة وراسخة في تكوين أشخاص وفي ثوابت سياسات، لا تنم عن إنسانية ولا تستفيد من تجربة ولا ترحم الإنسان في الكوارث، وهي ظواهر تكثر وتتفاقم في أوساط ماديين..
كم يقعُ من إجرام وبؤس وظلم وحيفٍ، أمضى من حد السيف، بحق الإنسان والأوطان بحَدَّي الّلسان، وحدَّي ساسة وسياسة بلا أخلاق أو كياسة.. ويكون حَال الناسِ بين الحدين حال الطَّير يَرقُصُ مَذْبوحاً مِن الألم.
هل يكون لشرفاء العالم وأحراره وللمعنيين بقضايا عادلة وبحق الإنسان في الحياة، وبحقوق الشعوب بالحرية والاستقلال وتقرير المصير.. موقف ودور وقدرة على مواجهة العنصرية والصهينة والعدوان والقتل والشر بصوره وأشكاله وألوانه..؟!
تلك التحديات وذلك الوضع يظهران الوجه البشع لتآمر بلدان وسياسات وقوى دولية على الأمة العربية عامة، وعلى الفلسطينيين من بين أبنائها بصورة خاصة، ويكشف تواطؤاً مُزمِناً ضدهم
من أسف أن مثل هذه الدعوات القائمة على التطرف والفوضى والتخريب وعلى الجهل بالقيمي والإنساني، بالتاريخي والحضاري.. نراها اليوم في بعض بلداننا، ونلمسها في اجترار أيديولوجي لما سبق من فكر وتصرف عدمي متطرف جرى في تاريخ شابَه مرض بسبب الأزمات والحروب..
الالتزام بحكم كونه طوعياً ينبع من إرادة حرة ويمليه وعيٌ واقتناع وإيمان، لا أراه يعني بالضرورة التزاماً بمواقف السلطة وآرائها وتوجيهات مؤسسات حاكمة أو آمرة أو مخطِّطة وموجهة للإنتاج الإبداعي، هذا إن لم يعنِ وقوفاً ضد ممارسات مغلوطة ومؤذية..
اليوم تتجلى الوقاحة الإسرائيلية ـ الأمريكية ويتجلى الافتراء ضد العدالة الدولية بصورة لا حدود لها ولا حياء فيها.. إذ أن كيان الإرهاب الصهيوني المحتَل لفلسطين الذي يرتكب الجرائم ضد الإنسانية ويبيد شعباً وفق برنامج إبادة بطيئ معتمَدٍ صهيونياً وتنفذه "إسرائيل" منذ عشرات السنين،
هذه هي "الدولة العنصرية" التي تحتل فلسطين، وتلاحق الفلسطينيين بمسلسل الإبادة المادية والمعنوية منذ أكثر من سبعين عاماً تحت نظر العالم وسمعه.. إنها "الدولة العنصرية" التي يدينها تاريخها، ويدينها ويدين مَن يدعمُها شعبُنا الضحية المنسية..
المعارضة ملازمة للسلطة.. وتلك حالة قديمة متجددة في آمادها الضيقة والواسعة، منذ بدئية التعارض بين رأي ورأي، إرادة وإرادة، فعل ورد فعل، اختيار وآخر مُضاد. وحين نقارب السياسة في مظاهرها وسجالاتها وصراعاتها، نجدها غابة بوحوشها وقوانينها ومواصفاتها وأفعال الفاعلين فيها..
لن يتوقف العدوان الصهيوني، ولن تتوقف اغتيالاته للقادة والمقاومين والنشطاء، ولن يتخلى "جيش الذبح الإسرائيلي" عن تقديم الضحايا من الفلسطينيين على عتبة الانتخابات والأزمات والضائقات والمنافسات بين الأحزاب والساسة الصهاينة..
عرب الجاهلية كان "الله" في خلفية شركهم وعبادتهم للأصنام التي اتخذوها "زُلْفَى" يتقرّبون بها إلى الله، وظلَّ اللهُ في ثقافتهم بعد أن زاغوا عن عقيدة أبيهم جهلاً واتباعاً وابتداعاً.