حقوق وحريات

#سيبني نعيش: حملة ضد قوائم منع التنقل والسفر بتونس‎

لا يُعرف عدد المشمولين بقوائم الممنوعين من السفر للخارج أو التنقل بين المحافظات
لا يُعرف عدد المشمولين بقوائم الممنوعين من السفر للخارج أو التنقل بين المحافظات
أطلق ناشطون حقوقيون بتونس حملة تحت وسمي "#سيبني_نعيش" (دعني أعيش بالعامّية التونسية) و"#عمار17" للتنديد بالمُضايقات التي يتعرّض لها تونسيون خلال تنقلهم بين المُحافظات أو مرورهم بالمعابر الحدودية البرية والجوّية، كإجراء احترازي في إطار "مُكافحة الإرهاب".

وتأتي هذه الحملة بعد تواتر حالات المنع من السّفر "دون وجود مانع قانوني"، خاصّة في المطارات، ليتوضّح لاحقا، بحسب النّاشطين، اعتماد جهاز أمن الدّولة على إجراء حدودي يُدعى "S17"، يتم بموجبه منع أو تعطيل تنقل أشخاص مدرجين في قوائم الجهاز.

انتهاك لحق الدّستوري

وأشار بلاغ لمرصد الحقوق والحريات بتونس؛ إلى أن التونسيين عانوا قبل الثّورة من حرية التنقل داخل العالم الافتراضي، وهو ما ناهضه النّشطاء وقتها بحملة "عمار 404"، لكن هذه المعاناة، تواصلت بعد الثورة، وبنفس "التعلات الأمنية" من خلال منعهم من حقهم الدّستوري في التنقل داخل وخارج البلاد.

وكشف المرصد في بيانه الصّادر في 3 تشرين الأوّل/ أكتوبر، وحصلت "عربي21" على نسخة منه، أن حالة التّضييق والمنع تعود لعلامات وإجراءات حدودية توضع من قبل وزارة الداخلية وأشهرها "s17"، والتي تعني استشارة الأجهزة الأمنية قبل السماح بالمرور عند المعابر الحدودية.

وأكّد المرصد أن هذا الإجراء قد تم اتخاذه في حق عشرات الآلاف من المواطنين، نصفهم لم يتعرض للإيقاف نهائيا، والنصف الآخر تم إنصافه قضائيا، مشيرا إلى أن هذه الإجراء لم يعد لم يعد يطبّق كوسيلة مراقبة حدودية فحسب، بل أضحى يطبق بصفة أصلية داخل البلاد، بما يُخضع المواطنين المشمولين بهذا الإجراء لمساءلة يومية ودائمة وبحث أمني متكرر، وفق نص البيان.

وشدّد المركز على أن إجراء "s17" تم اتخاذه ضد المُواطنين دون إعلامهم ودون تعليله واستشارة السلطة القضائية، بالإضافة إلى أنه إجراء دائم وغير مُحدود التطبيق زمنيا وغير قابل للمراجعة، "وهو ما يجعله تعسّفا في استعمال السّلطة بدون وجه حق"، وفق تعبيره.

المشمولون بهذا الإجراء

وقالت مريم دابي، الناشطة الحقوقية والمُشاركة في هذه الحملة، إن التضييقات شملت عددا واسعا من التونسيين، باختلاف أفكارهم ومرجعياتهم.

وأضافت في تصريح لـ"عربي21": "المشمولون بهذا الإجراء التعسفي صنفان، الأوّل يشمل كل من يحتوي جواز سفره ختم دولة تشهد نزاعات وتحوي بُؤر توتر، مثل ليبيا وسوريا والعراق، والثاني يشمل المُتديّنين ممن تعلّقت بهم شبهات لم يتم التّحقيق فيها أو تمّ إنصافهم قضائيا، وأغلب هذه الشبهات مصدرها تقارير بوليسية غير دقيقة"، وفق تعبيرها.

وتابعت: "الغريب في الأمر أن هذا الإجراء الاحترازي لم يكتف بالمنع من السّفر خارج أرض الوطن، بل شمل حتى مُغادرة مُحافظة الإقامة باتجاه مُحافظات أخرى، وهو ما سبّب مشاكل جمّة، وحرم عددا هاما من مورد رزقهم".

وأشارت دابي إلى أن قائمة المشمولين بهذا الإجراء الحدودي غير مُعلنة، وأنه لا وجود لمسار تظلّم واضح لدى السلطات من أجل رفع أسماء المُـتضرّرين الذين يكتشفون أنهم ضمن هذه القائمة فقط عند حرمانهم وبصفة فجائية؛ من السفر أو التنقل، "رغم أنه أحد الحقوق الأساسية التي كفلها الدّستور".

شهادة أحد المُتضرّرين

من جانبه، قال المواطن نور الدين العياري (29 عاما)، لـ"عربي21"، إن حكايته مع الآلية "s17" بدأت مع لحظة إيقافه من طرف الأمن لمدّة خمسة أيام بشبهة "الانتماء لخلية إرهابية"، بسبب ارتدائه ثوبا طويلا (الجلابية أو الدشداشة، ويسمى "قميصا" في تونس)، حيث بات هذا الثوب بمثابة رمز للسلفية في تونس، ويقع مرتدوه في دائرة الشبهات لدى الأجهزة الأمنية.

ورغم تبرئته من طرف القضاء بعد توقيفه، اكتشف العياري لاحقا أنه أصبح من المشمولين بهذه القائمة، لتصبح كل عملية تثبت روتينية من الهوية مقترنة ببحث في مراكز الأمن يدوم ساعات.

وتابع العياري، وهو من العاصمة تونس: "رغم انخراطي في أحد الأحزاب السياسية، واعترافي بالعملية الديمقراطية ورفضي ككل التونسيين للتشدد والتّطرّف، إلا أن هذه المُعاناة لم تزل. كلما تم تحويلي لأحد المراكز الأمنية يتم سؤالي حول أفكاري وتوجهاتي السياسية ومدى تديني وتدين عائلتي وأصدقائي.. أمر مزعج.. كلما تلقيت مكالمة هاتفية من رقم أرضي أفزع.. فقد يكون هاتفا من أحد المراكز لأخذ الإرشادات.. أنا أعيش إقامة جبرية".

وأشار العياري إلى أنه ورغم توجّهه لوزارة الدّاخلية لتسوية وضعيته، وتكليف محام بهذه المسألة، إلا أنه لم يجد سوى التسويف، وقال إنه لا وجود لجهة أو جهاز واضح يمكن مُخاطبته من أجل حل مشكلته، وفق تعبيره.

يُذكر أنه لم يتسنّ لـ"عربي21" التأكّد من عدد المشمولين بإجراء "s17" باعتباره مُصنّفا سريا ضمن ملفّات أمن الدّولة وإدارات مكافحة الإرهاب.
التعليقات (0)